"فورين آفريز": هيبة واشطن "شهدت زلة هائلة".. والمستقبل "قاتم"

"كوفيد 19".. اختبار ضغط سياسي يمهد المسار أمام ولادة "ديمقراطية ليبرالية عالمية" جديدة

 

ترجمة - رنا عبدالحكيم

قال تقرير لمجلة فورين آفريز الأمريكية إنَّ العواقب السياسيَّة لتفشي جائحة "كورونا (كوفيد 19) اليوم هي الأكثر أهمية، وأنَّ السنوات المقبلة رُبما تشهد تراجعا نسبيًّا للولايات المتحدة بسبب "رد فعلها السيئ" في التعامل مع الأزمة، وأنَّ هيبتها "شهدت زلة هائلة". لافتة إلى أنه سيكون هناك تآكل للنظام الدولي الليبرالي، وعودة للفاشية في جميع أنحاء العالم، مستدركة بأنه سيمهد بالمقابل المسار أمام ولادة ديمقراطية ليبرالية، في ظل ما أظهرته بعض القوى من مرونة وتجديد، وتابعت: "ما لم تتغير الاتجاهات الحالية بشكل كبير، فإن التوقعات العامة قاتمة".

وأوضحت المجلة في تقريرها أنَّ الأزمات الكبرى تنجم عنها عواقب وخيمة، وعادة ما تكون غير متوقعة، ضاربة مثالاً بالأزمة المالية عام 2008، والتي أدت لزيادة حِدَّة وانتشار الشعبوية المعادية للمؤسسات، وأنَّ المؤرخين المستقبليين سيتتبعون آثارًا كبيرة نسبيًّا لوباء الفيروس التاجي الحالي.

وسلطت المجلة الضوء على سؤال جوهري وهو: لماذا كان أداء بعض البلدان أفضل من غيرها في التعامل مع الأزمة حتى الآن؟ وأوضحت بأنه ليست مسألة نوع النظام، لقد حققت بعض الديمقراطيات أداءً جيدًا، لكن البعض الآخر لم يقُم بذلك، وأرجعت الأمر لقدرة الدولة والثقة الاجتماعية والقيادة، وأوضحت: "إنَّ البلدان التي تضم الثلاثة: جهاز دولة مختص، وحكومة يثق بها المواطنون ويستمعون إليها، وقادة فعَّالون، كان أداؤها مثيرًا للإعجاب، مما حد من الأضرار التي لحقت بهم. وكان أداء الدول ذات الاختلالات الوظيفية، والمجتمعات المستقطبة، أو القيادة السيئة سيئًا، مما ترك مواطنيها واقتصاداتها مكشوفة وضعيفة".

وتطرق تقرير المجلة إلى الآثار السلبية لتفشي الجائحة، وقالت إنَّ الأزمة ستسبب مزيدًا من إخفاقات الأعمال والدمار للصناعات؛ مثل: مراكز التسوق وسلاسل البيع بالتجزئة والسفر، متوقعةً أنَّ الشركات الكبيرة ذات الجيوب العميقة فقط هي التي ستكون قادرة على الخروج من الأزمة، وأنَّ مكاسب عمالقة التكنولوجيا هي الأكبر مع تنامي التحول نحو الاعتماد على التقنيات الرقمية.

وأوضح أنَّ الوباء المستمر والمقترن بفقدان الوظائف، والركود الطويل، وعبء الديون غير المسبوق، سيؤدي حتمًا لتوترات تتحول إلى ردة فعل سياسية، ولكن ضد من؟ لم يتضح بعد.

وعقدت المجلة مقارنة بين تعامل كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية مع الجائحةـ وقالت إنه وعلى الرغم من نشأة الوباء في الصين في البداية، إلا أنَّها تمكنت من السيطرة على الوضع، بينما على النقيض من ذلك، أخطأت الولايات المتحدة في رد فعلها بشكل سيئ وشهدت هيبتها زلة هائلة.

وعقَّبت المجلة بأنَّ واشطن كانت تتمتع بقدرات هائلة ولديها سجل مثير للإعجاب خلال الأزمات الوبائية السابقة، إلا أنَّ مجتمعها الحالي شديد الاستقطاب والقائد غير الكفء، منعا الدولة من العمل بفعالية.. وبحسب المجلة: "لقد أثار الرئيس -دونالد ترامب- الانقسام بدلاً من تعزيز الوحدة، وقام بتسييس توزيع المساعدات، وألقى بالمسؤولية على الحكام لاتخاذ قرارات رئيسية، بينما شجع الاحتجاجات ضدهم لحماية الصحة العامة، وهاجم المؤسسات الدولية بدلاً من تحفيزها".

ولفت تقرير المجلة إلى أنه إذا ما تمَّ منح الرئيس (ترامب) ولاية ثانية في نوفمبر، فسوف تنخفض فرص عودة الديمقراطية أو النظام الدولي الليبرالي على نطاق أوسع. ومهما كانت نتيجة الانتخابات، فمن المرجح أن يبقى الاستقطاب عميق في الولايات المتحدة، متوقعة أن يكون من الصعب إجراء انتخابات خلال جائحة كورنا.

وخلصت المجلة في نهاية تقريرها إلى أنَّ "كوفيد 19" كان بمثابة اختبار ضغط سياسي عالمي، سوف تمر الدول ذات الحكومات المنظمة من الأزمة شكل جيد نسبيًّا، وقد تتبنى إصلاحات تجعلها أقوى وأكثر مرونة؛ وبالتالي تسهيل أدائها المستقبلي، أما البلدان ذات القدرات الضعيفة فستكون في وضع صعب، وستكون في حالة ركود، إنْ لم يكن فقر وعدم استقرار.

تعليق عبر الفيس بوك