تقرير دولي: الصين تقود انتعاش الطلب على النفط.. و"اتفاق أوبك بلس" يعزز التوازن

 

الرؤية- نجلاء عبدالعال

توقع أحدث تقرير صادر عن بورصة دبي للطاقة أن تستعيد سوق العرض والطلب على النفط توازنها عالميا، مرجحا أن يقود الطلب الصيني حركة إعادة التوازن لتسهم في إخراج النفط من أسوأ فترة شهدها في عقود مع تراجع الطلب والسعر بنسب غير مسبوقة.

وبورصة دبي للطاقة هي المكان الوحيد الذي يجري عبره تداول نفط عمان وتحديد سعر تسليمه، حيث يحدد سعر التسليم من خلال متوسط سعر التداولات قبل شهرين من موعد التسليم. وأكد التقرير أن جائحة فيروس كورونا المستجد أدت إلى تراجع الطلب على النفط، مخفضة أسعاره إلى أدنى مستوياته في عدة عقود خلال بداية الربع الثاني من عام 2020، وذلك مع تعرض حوالي 90% من سكان العالم لشكل من أشكال الإغلاق أو التباعد الاجتماعي، وانهارت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في 20 عامًا خلال شهر أبريل، لكن مزيجًا من التخفيضات القياسية في الإنتاج بقيادة تخفيضات أوبك بلس مع ارتفاع نسبي في الطلب عززا الانتعاش القوي خلال شهر مايو.

ومن المتعارف عليه تاريخياً، أن سعر خام برنت بحر الشمال كان يعد المؤشر الرئيسي لأي انتعاش للأسعار، لكن على العكس من ذلك كانت المؤشرات في آسيا خلال هذه الأزمة هي العلامات التي تنير طريق انتعاش السوق والأسعار، وذلك بسبب عودة الطلب من الصين إلى مستويات شبه الطبيعية.

وأضاف التقرير أنه خلال النصف الأول من شهر مايو، كانت العقود الآجلة لكل من برنت ومزيج نفط عمان -تسليم يوليو- تحوم عند مستوى 30 دولارًا للبرميل، مما يعكس الارتداد من المستويات المتدنية عند 20 دولارًا للبرميل التي شهدها الخامان خلال أبريل، لكن مع الوقت ظهر تفوق بعدة درجات لخامات النفط في الشرق الأوسط، بما في ذلك نفط عمان، مقابل عقد الخام المسعر في بورصة شنغهاي الصينية لتسعير النفط العالمي INE، وهذا يعني أن شحن الخام في الشرق الأوسط خلال شهر يوليو يمكن تسليمه مقابل سعر عقد INE في أغسطس، عند احتساب أوقات الشحن إلى الصين، وتم تداول INE لشهر أغسطس بالقرب من 40 دولارًا للبرميل منذ بداية مايو، مما رجح فرص نفوط الشرق الأوسط مع توازن الطلب في الصين.

وإضافة إلى نفط عمان، هناك أنواع أخرى من الخام القابل للتسليم في الشرق الأوسط تشمل: نفط البصرة العراقية، وزاقم العلوي في أبوظبي، ومارين القطري. وحتى الآن كانت عمليات التسليم المادية إلى INE منخفضة للغاية، خاصة مع إغلاق معظم العقود قبل انتهاء صلاحيتها. ومع ذلك، فإن التوسع في مرافق التخزين المتاحة لتسليم INE قد زاد من احتمال تسوية المزيد من العقود فعليًا، وفقًا للتجار.

وبحسب الأرقام التي نشرتها بورصة شنغهاي للطاقة INE، يمثل خام البصرة الخفيف أكبر حصة في خزانات INE المضمونة، لكن هناك أيضا حصص لنفط عمان، وزاقم العلوي ومارين قطر أيضًا في الخزانات. ونقل التقرير عن رويترز أن السعة المضمونة ببورصة شنغهاي للطاقة INE زادت إلى 57 مليون برميل في الربع الثاني، بما في ذلك إضافة الحاويات التي تملكها كل من Sinopec وPetroChina ومجموعة التكرير الخاصة Shandong Hongrun Group.

وتم تداول خام البصرة الخفيف لتحميل يونيو بعلاوة قياسية بلغت 4.70 دولار للبرميل وهو ما يعكس جزئياً إمكانيات تحقيق توازن بين الطلب والعرض فيما يتعلق بالصين.

الصين تقود الانتعاش

وقبل جائحة كوفيد- 19، كان العالم يستهلك ما يزيد قليلاً عن 100 مليون برميل يوميًا من النفط، وهو رقم يشمل المكثفات النفطية (سوائل الغاز الطبيعي)، وتضع التقارير خفض الطلب عن ذروة ارتفاعه بمقدار 30 مليون برميل يوميا، ومن المتوقع أن يبلغ متوسط الطلب المفقود في الربع الثاني من العام الجاري 2020 حوالي 14 مليون برميل يوميا.

على الجانب الآخر فإن الأسعار المنخفضة أدت إلى موجة شراء ضخمة من قبل الصين، وبالتالي فإن أسعار بيع مخزونات النفط في الصين ستقود إلى انتعاش الأسعار - وبدورها ستدعم الأسعار في جميع نفوط الشرق الأوسط، إضافة إلى الدور الذي أداه اتفاق مجموعة منتجي أوبك بلس بإجراء خفض قياسي والذي كان له أثر كبير على إعادة توازن العرض والطلب.

وأحصت وكالة "بلومبرج" حوالي 117 ناقلة نفط خام في طريقها إلى موانئ الصين خلال أواخر مايو، والتي أشار التقرير إلى أنها يمكن أن تضيف ما يصل إلى 200 مليون برميل من النفط للمخزونات، وبحسب OilX، الذي يوفر تحليلات بيانات النفط، فإن الواردات الصينية حاليا عند مستويات قياسية قريبة من 11 مليون برميل في اليوم، وهو ما يعني زيادة شهرية بأكثر من 1 مليون برميل في اليوم. ومن النقاط التي أبرزها OilX أن واردات النفط الخام انتعشت في مايو إلى 11.11 مليون برميل في اليوم، بالقرب من أعلى المستويات القياسية، وبمعدل زيادة شهرية تجاوزت 1.2 مليون برميل في اليوم.

وعلى الرغم من أن التقرير لاحظ انتعاشًا ثابتًا في جميع أنحاء المصافي الصينية، إلا أن الزيادة في الواردات كانت مدفوعة جزئيًا بتداول العقود الآجلة لخام شنغهاي INE بعلاوة أعلى من الدرجات الأخرى القابلة للتسليم، وعلاوة على ذلك، ظلت المصافي المستقلة نشطة في شراء النفط الخام على الأرجح بسبب انخفاض أسعار النفط الخام. وأوضح التقرير أن خام برنت قد لاحق نفط عمان خلال الجزء الأخير من شهر مايو، ولكن وحتى أوائل يونيو كان نفط عمان لا يزال يتداول بأعلى حوالي 2 دولارًا للبرميل من خام برنت، خاصة مع بطء انتعاش الطلب الأوروبي مقارنة مع الطلب في آسيا.

صورة الطلب العالمي

وأدى الانتعاش القوي للأسعار في النصف الثاني من مايو إلى توقعات أكثر إيجابية للنفط في عام 2020، حيث رفع عدد من المحللين توقعات الأسعار لبقية العام؛ ويتوقع مورجان ستانلي أن تتعافى أسعار النفط الخام إلى 40 دولارًا للبرميل في وقت لاحق من العام، متوقعًا انتعاشًا حادًا في الطلب.

وتتوقع البنوك الاستثمارية أن يعود الطلب العالمي إلى 97 مليون برميل يوميا، مما يؤدي إلى تقلص فرق المعروض أمام المطلوب إلى ما بين 4 إلى 6 ملايين برميل يوميا.

ومن الواضح وفق التوجهات الأخيرة أن سوق النفط العالمية سوف تتطلع بشكل متزايد إلى آسيا والشرق الأوسط من أجل تحديد الأسعار، وتتحول أسعار النفط في أوروبا إلى تابعة.

تعليق عبر الفيس بوك