"جمعية المتقاعدين".. هل ستكون واقعا ملموسا؟!

 

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

لا صَوْت يعلو في الوقت الحالي أكثر من صَوت المتقاعدين، حتى إنَّه صارَ أعلى من صوت جائحة كورونا، التي اجتاحت العالم أجمع خلال الأشهر الماضية، وتطرَّق العديدُ من الكُتَّاب، وظهرت العديد من المواضيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، التي تتحدَّث عن تقاعد شريحة كبيرة من الموظفين باختلاف مسمياتهم الوظيفية، أولئك ممن خدموا البلد لأكثر من 30 سنة، تزيد أو تنقص، لا سيما وأنَّ التقاعد جاء على حين غرة دون ترتيب من الأكثرية لأوضاعه المالية.

لن أتطرق هنا إلى قرار الدولة في تقاعد هذه الشريحة؛ فهذا الموضوع قد شبع نقاشا وجدلا، لكنَّني سوف أتطرق إلى كيفية تكريم المتقاعدين ممن أفنوا زهرة شبابهم في خدمة هذا الوطن، حتى ولو بعد خروجهم للتقاعد، لا سيما وأنَّ التي خرجت شريحة ليست بالهينة؛ سواء من حيث الخبرات او الإمكانيات، والذي أقصده عبر طيَّات هذا المقال هو التسهيل في إنشاء جمعية خاصة للمتقاعدين... نعم الموضوع ليس بجديد، فقد تُداول وبكثرة، وكثُر الحديث عنه، وازداد توهُّجاً هذه الأيام، وعند مُتابعتي للموضوع، وجدت أن أحد الأخوة الكُتَّاب قد تحدث عن جمعية للمتقاعدين قيد التأسيس، وكان هذا منذ العام 2016 أي قبل أربعة أعوام!! وما كان يُعيق ظهورها هو تأخر إصدار قانون الجمعيات الجديد آنذاك من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، ولا أدرى ما حصل بعد ذلك؟ والوضع الظاهر أنه ما زال دون جديد يُذكر أو قديم يعاد!!

وهذا بدوره يقودنا للإجراءات البيرقراطية التي تتسبب في إجهاض صدور الكثير من القوانين المهمة، والتى تمس الصالح العام لدينا، ودورانها في حلقة مفرغة، هذا إن ظهر القانون دون نقصان أو استئصال كما حصل لبعض القوانين الخاصة بجهات حكومية خدمية من الطراز الرفيع.. واسالوا.

وحتى لا نذهَب بعيدا، فأرى أن ظهور جمعية للمتقاعدين لحيز الوجود يجب أن يكون واقعاً أكثر منه أفكارًا يعصف بها الذهن عبر مُخيَّلات تحويها أسطر في وريقات ربما تطويها الأدراج؛ فالوقت قد حان وأزف أكثر من أي وقت مضي لتكاتُف المتقاعدين في سبيل إنشاء هذه الجمعية، وفي اعتقادي أنها ستكون من أقوى الجمعيات؛ نظرا لما يملكه أعضاؤها من خبرات وكفاءات وفي شتي المجالات والحقول المتنوعة والمختلفة التي لا يسع المقال لذكرها، وبالإمكان كذلك الاستفادة من تجارب دول مجاورة سبقتنا في هذا المجال، بل وحتى الاستفادة من تجارب الدول الأوروبية التي لها تجارب رائدة كذلك في مجال خدمة المتقاعدين وتقديم الحوافز والمزايا لهم.

من المُلاحظ أن المتقاعد لدينا يكاد يكون الغائب الحاضر، فذكره موجود وعلى الألسن مقابل لا شيء من الخدمات التي يستفيد منها؛ سواء كانت تخص الجهة التي تقاعد منها أو الدولة ككل، وأقصد هنا المتقاعدين من الخدمة المدنية.

ومن شأن جمعية المتقاعدين أن توفر العديد من المزايا من خلال بطاقة الجمعية في جلب منافع لهم؛ مثل: تخفيضات لتذاكر السفر أو الاتفاق مع وكالات السيارات للحصول على تخفيض معين للشراء أو عند الصيانة، وأيضا تخفيض في أسعار التأمين بشتى أنواعه، حتى محلات التسوق يمكن أن يحصل المتقاعد منها  على تخفيض عند شرائه سلعًا استهلاكية من محلات معينه تتعامل معها الجمعية، أو الحصول على قروض أو مِنَح مالية ميُسَّرة في حال حصلت الجمعية على الدعم اللوجستي والمالي على غرار بعض الجمعيات الموجودة حاليا على الساحة، أو إقامة أندية للمتقاعدين في نفس مكان الجمعية تحتوي على أنشطة متنوعة ومتعددة المناشط يُمكن أن يقضي فيها المتقاعد وقته، وقس على ذلك الكثير؛ كونهم جهة وقوة كبيرة لا يُستهان بها عددا وعدة، فقط الأمر يحتاج لإدارة تسويقية محنكة.

كما يُمكن لهذه الجمعية أن تقوم بدور الحامي لحقوق المتقاعد، الساعية للدفاع عنه؛ كونه أحد أعضائها، كما أنَّ تفعيل منصات إلكترونية لهذه الجمعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بات أمرًا ضروريًّا، خُصوصا في هذا العصر التقني؛ فهي تنقل ما يمكن أن يقدمه المتقاعدون من إبداع منقطع النظير فليس للإبداع حدود.. كلها أفكار ورؤى ربما لدى البعض من المتقاعدين المزيد منها في حال سمعنا نبأ ظهور هذه الجمعية للنور، وهذا ما نتمناه جميعا.

هي رسالة ونداء لوزارة التنمية الاجتماعية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، بشقيها التشريعي والتنفيذي، لتسهيل إجراءات ظهور جمعية المتقاعدين، وجعلها واقعاً ملموساً يفخر به، نظرا ما قدمه هؤلاء الأفذاذ من جهد جهيد في خدمة وتنمية هذا البلد الأغر.