علي بن بدر البوسعيدي
في كل مرة تتعرض بلادنا الحبيبة لخطر الأنواء المناخية، نخرج بجملة من الدروس المُستفادة والعبر التي تتولد من رحم الأزمة، ولله الحمد وخلال السنوات الماضية استفدنا الكثير وتعلمنا العديد من الأمور التي ساعدتنا في التخفيف من تداعيات الأنواء المناخية، عاماً تلو الآخر، لكن ثمَّة جانب يبدو أننا لم نتعلم الدروس المستفادة منه، ألا وهو بيروقراطية الأداء داخل منظومة الأرصاد العُمانية.
الملاحظ في المنخفض المداري الذي تعرضت له محافظة ظفار، أن التنبيهات التي ينبغي أن تصدر عن الجهة المعنية، وهنا أتحدث عن المديرية العامة للأرصاد الجوية التابعة للهيئة العامة للطيران المدني، كانت متأخرة بصورة أو أخرى، الأمر الذي سبب مُفاجأة لأهلنا في مختلف ولايات ظفار التي تعرضت لأمطار غزيرة وصلت نسب الهطول فيها لأكثر من 1000 ملم، وهو معدل تاريخي وقياسي، ربما لم نسجله سابقًا، وأهل الاختصاص أعلم مني بكل تأكيد. ويبدو أنَّ هذا التأخير في إصدار التنبيهات أو البيانات، تسبب في تأخر جهات أخرى داخل المحافظة، لكي تتخذ ما يلزم من إجراءات، سواء من حيث تهيئة مصارف الأمطار، أو إصدار تحذيرات محلية للسكان هناك، وخاصة القاطنين في المواقع المنخفضة أو بالقرب من الأودية، فكم من صور ومقاطع فيديو شاهدناها جميعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر التلفزيون تظهر المياه وهي تغمر البيوت والمساجد والجوامع والسيارات، فضلاً عن انجراف ممتلكات عامة وخاصة جراء السيول العنيفة.
هنا نحن أمام تحد تسبب في خسائر مادية وبشرية، فالأنواء المناخية ستظل تلازمنا في ظل ما يعتري بحر العرب من حالات جوية خاصة خلال فصل الصيف، وهنا لا مجال لمنظومة عمل بيروقراطية تنتظر اجتماع اللجنة المعنية داخل الأرصاد، ومن ثم توقيع البيان الإعلامي أو التنبيه من المسؤول، أو نائبه، ثم مرور هذا البيان بقنوات وحلقات ممتدة من البيروقراطية التي لا نقبلها في هذه الظروف. ففي المقابل يمارس مجموعة من الشباب المُبدع من هواة الطقس، جهودهم في التنبؤ بالحالات الجوية في وقت مبكر للغاية، ويقدمون شروحات مناخية بالصوت والصورة والفيديو، في حين أن جهاتنا المعنية تكتفي بنشر بيان على تويتر!
لا شك أنَّ المسؤولية جماعية، وأن الأشخاص الذين غامروا وتهوروا وعبروا الأودية أو خرجوا من بيوتهم أثناء الأنواء المناخية، يتحملون المسؤولية الأكبر عما حدث لهم، لكن كما ذكرت في بداية المقال، علينا أن نتعلم الدروس، ونستفيد من التجارب السابقة. ولذا فإنني أهمس في أذن المسؤولين عن قطاع الأرصاد في بلادنا، كفانا بيروقراطية، وكونوا دائماً مبادرين في التنبؤ بما قد نتعرض له من أنواء، فنحن في عصر لن يسامح المتأخرين!