◄ استمرار الجمود الاقتصادي يفتح الطريق أمام الشركات الصينية لتوسيع حصتها السوقية
◄ سيطرة الصين على العالم أشبه بـ"خطة مارشال" عقب الحرب العالمية الثانية
◄ دول صغرى وهامشية ستُساند الصين في قيادة العالم الجديد
◄ النظام العالمي القائم لن يتغير سوى بالحرب.. و"الوباء" مكافئ وظيفي
ترجمة - رنا عبدالحكيم
توقع تقرير لمجلة "ناشيونال ريفيو" الأمريكية، أنَّ الصين ستقود عملية إعادة تشكيل النظام العالمي الجديد، في مرحلة "ما بعد كورونا"، وأنَّ بكين بنظامها المتماسك الصارم ستكون قادرة على السيطرة على العالم، في حال تحقق "أسوأ السيناريوهات"، وفق ما يطرحه التقرير الذي حمل عنوان "الصين والسيطرة على العالم".
وبحسب برونو ماسياس، مُعِد التقرير، وهو سياسي برتغالي سابق وكبير زملاء معهد هدسون، فإنَّه بمجرد انفجار كارثة عالمية، تتشكل لحظة من الفرص الإستراتيجية، ونقطة تحول نادرة في مسيرة التاريخ، مشيرا إلى ما أطلقه وباء كورونا من منافسة عالمية لاحتواء الفيروس الذي يبدو أن الصين واجهته بكل قوة وباستعداد فريد.
ومع انتشار الفيروس في أنحاء العالم، أصبح من الواضح أن المجتمعات الغربية -المنافسين الحقيقيين لبكين- لم يكن لديهم القدرة على توحيد كل مواطن بسرعة حول هدف بعينه. وعلى عكس الصين، التي لا تزال إلى حد كبير مجتمعا ثوريا، تم بناء أنظمتها السياسية للأوقات العادية وغير العادية، فالمجتمع الصيني جيش معبأ، يمكنه أن يهزم كل شيء آخر بسرعة ويسير في اتجاه واحد.
ويقضي الدبلوماسيون الصينيون المتمركزون في جميع أنحاء العالم وقتهم في رفع المخاطر إلى مستوى عالٍ، فباتباع تعليمات من الصين، اتجهوا إلى وسائل الإعلام لإصدار تحدٍ لأمريكا، للإشارة إلى فشلها، ومقارنة الفوضى في المدن والمستشفيات الأمريكية بما يرونه نجاحًا فريدًا في وقف الوباء في الصين.
واقترح العديد من المراقبين أن الصين ربما تكسب معركة الفيروس التاجي من خلال المضي قدمًا في تقديم المساعدة الطبية للبلدان المتضررة، ومعظمها في أوروبا، في وقت تستهلك فيه الولايات المتحدة مواردها الخاصة.
وهناك طرق محددة للصين لاستخدام جائحة الفيروس التاجي لقلب النظام العالمي الحالي، ويسلط التقرير الضوء على 3 نقاط رئيسية.
النقطة الأولى: المقارنة المباشرة بين الوضع في الصين وأماكن أخرى؛ إذ يحتمل بدرجة كبيرة أن عدد الحالات والوفيات التي قدمتها السلطات الصينية تناقض الأرقام الحقيقية، لكن الحقيقة تبقى أن الحياة الطبيعية عادت في فترة زمنية صغيرة. وإذا فشلت الولايات المتحدة في أن تفعل الشيء نفسه، فسوف تتعرض هيبتها لضربة شديدة، وسيغير الناس في جميع أنحاء العالم بسرعة تصوراتهم حول القوة والقدرة النسبية.
النقطة الثانية: سلاسل القيمة الصناعية؛ ففي الشهر الماضي، أغلقت شركات جنرال موتورز وفورد وفيات كرايسلر جميع مصانع إنتاج السيارات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا. واقتفت قطاعات أخرى أثر هذه الخطوة. وفي غضون ذلك، احتوت الصين أسوأ جائحة في مقاطعة واحدة؛ مما سمح باستئناف النشاط الاقتصادي بسرعة في مواقع أخرى. وتظهر أحدث البيانات تجدد النشاط في تدفق البضائع عبر البلاد، وكذلك في الموانئ في جميع أنحاء العالم التي تتعامل مع الصين. وإذا استمر الجمود الاقتصادي في أوروبا وأمريكا لفترة أطول، فستكون الشركات الصينية قادرة على توسيع حصتها في السوق بشكل كبير واستبدال سلاسل القيمة التي يقودها الغرب.
وأعلنت السلطات الصينية أن نشاط الصناعات التحويلية توسع في مارس، متحديا توقعات الانكماش. ووصل مؤشر مديري المشتريات الرسمي في فبراير إلى مستوى قياسي بلغ 35.7. ارتد إلى 52.0 في مارس. وعلينا الاستعداد لموجة عالمية من عمليات الاستحواذ الصينية بأسعار مثل الضربة قاضية.
النقطة الثالثة: وهو سيناريو أكثر تطرفًا، يمكن أن تواجه الدول الكبرى نوع الصدمة الاقتصادية التي تؤدي لانهيار اجتماعي وسياسي واسع النطاق. عند هذه النقطة، ستتاح للصين فرصة فريدة للتدخل وتقديم المساعدة وإعادة تشكيل هذه البلدان في صورتها.
سيبدو الأمر بمثابة تكرار لخطة مارشال وبداية النظام العالمي الأمريكي بعد ويلات الحرب العالمية الثانية. قد تكون إندونيسيا وجنوب آسيا وحتى روسيا ذات أهمية خاصة في مثل هذا السيناريو.
ويشير التقرير إلى أن العرق أو التنافس المعمم بين النماذج الجغرافية السياسية البديلة قد بدأ، لكن لم يكن واضحًا أبدًا ما ستكون عليه خلفية هذه المنافسة، وإذا وقع الاشتباك داخل النظام التجاري والمالي العالمي الحالي -والذي تم بناؤه طبقًا وفقًا للقواعد والمبادئ الغربية- فإن الولايات المتحدة كانت واثقة من إمكانية كسب المعركة بشكل حاسم.
غير أن التقرير يطرح تساؤلا مثيرا للغاية: ماذا لو حدث على أرض محايدة؟ ماذا لو حدث في نوع من المناظر الطبيعية المحايدة، حالة طبيعية مع قواعد قليلة أو معدومة، على خلفية فوضوية وتتطور بسرعة؟ ستصبح النتيجة أكثر غموضا إلى حد كبير.
ولتوضيح الأمر بشكل أكثر صراحة، كانت هناك دائمًا حجة مفادها أن النظام العالمي الحالي لا يمكن أن يتغير لأن حربًا كبرى فقط هي التي فعلت ذلك في الماضي وأصبحت الحروب العالمية مستحيلة الآن. لكن مع تفشي الأوبئة -وقريباً التغير المناخي- فإن العالم في هذه الحالة أمام حالتين تعادلان وظيفيا حالة الحرب!