تصحر الخوف و"كوفيد-19"

 

خولة بنت خميس البهلاوية

إخصائية نفسية

الخوف هو شعور قوي بالرهبة تجاه أمر ما نواجهه، وقد يكون هذا الشعور واقعياً وحقيقياً وإما أن يكون خيالا. الخوف إما؛ أن يكون صديقا للإنسان، أو عدوا له، ومرد ذلك يعتمد على الشخص ذاته في كيفية تعامله مع مشاعر الخوف هذه؛ فإما تدفعه لمواجهتها، أو الاستسلام لها. فتصحر الخوف يكون عدوا للإنسان،عندما تتعرض أرضية الطمأنينة للتدهور في المناطق القاحلة من التحدي والإصرار. فذلك سيؤدي إلى فقدان الحياة الهانئة، وتنوع الخوف يؤدي إلى فقدان الثقة، وبعدها فقدان الطمأنينة.

لكن.. كيف يكون تصحر الخوف صديقا الإنسان؟

تأتي إلينا مشاعر الخوف لتحمينا وتحذرنا من خطر متوقع وعليه تشحن أحاسيسنا ووعينا بكل شيء يحيط بنا؛ لنتمكن من مواجهة أي تهديد أو أذى، ودائما الخوف يطلب منا أن نستعد لأي تغيير مستقبلي؛ لنحمي أنفسنا من مظلة الخوف السلبي، ولمواجهة مشكلة تصحر الخوف يتوجب علينا محاربة قطع أشجار الأمل ومواجهة المخاوف، وفلاحة صرف الانتباه عن شعور الشخص بالخوف الذي يحسه إلى النافع والمفيد كالقراءة والرياضة والتأمل وغيره الكثير.

ومن الملاحظ الآن في ظل انتشار فيروس كورونا، وسعينا في مواجهة تصحر الخوف بطريقة إيجابية دفعتنا إلى قرع أبواب جديدة من الحذر، واكتشاف خيارات وبدائل ومصادر جديدة لم تكن واردة لدينا من قبل. الخوف الإيجابي يقلل من ارتكاب الأخطاء، والالتزام، والتقيد، وجعل الأفكار مرتبة وحذره.

في هذه الفترة الحالية ينتبانا خوف، وقلق جماعي؛ نتيجة نشر أخبار يومية عن فيروس كورونا وعن عدد الإصابات والوفيات التي تنشرها شبكات التواصل الإجتماعي، لذلك نصح خبراء الصحة بأنه يجب التغلب على مشاعر القلق والخوف بالضحك؛ حيث كشفت دراسة بمستشفى الطب النفسي في العاصمة التشيكية براغ عن فوائد الضحك قالت: "إنّه لا يؤدي إلى التخفيف من التوتر والضغط النفسي فحسب، بل يعزز الجهاز المناعي بشكل كبير الأمر الذي يدعم مقدرة الجسم على إبعاد الأمراض المعدية".

وتوصل العلماء أيضا إلى أن الضحك يترك أثراً ايجابياً على أجسامنا. ويوجد في ألمانيا وحدها 150 ناديًا متخصصا في "يوجا الضحك"، وأثناء الضحك يدخل الهواء بقوة إلى الرئتين وهو يعمل على تزويد خلايا الجسم بكميات أكبر من الأكسجين، ويؤدي ذلك إلى تخفيف الضغط والتوتر، ما يتسبب في زيادة عدد الخلايا المناعية في الدم.

إذن.. كيف نواجه خوفنا من فيروس كورونا؟

من خلال هذه المعادلة اتزان الخوف (الخوف الايجابي) + تخفيف الضغط النفسي (عن طريق الضحك) + التعاون = البقاء على قيد الحياة (منطقة الأمان والاستقرار النفسي).

إنّ اتزان الخوف يستطيع أن يمر من نقطة تفتيش حدود البقاء والسلامة؛ لأن الخوف المتزن (الايجابي) لا يُلغي مروره لأنه به جرعة طبيعية تهاجم انتشار فيروس كورونا، وتخفيف الضغط النفسي عن طريق الضحك والإيجابية يترك أثراً إيجابياً على الجسم، ويزيد المناعة، والالتزام بالقوانين المنوطة للجميع. وبخلاف الخوف السلبي وتجاهل القوانين يزيد الأزمة، فلا يستطيع المرور من حدود السلامة من الفيروس.

وكما نعلم أن الشائعات تزيد من نسبة الخوف، فالشائعات كمنقار خشب تنقر أشجار الأفكار وتشوش المعلومة، مما يؤدي إلى زيادة الخوف والقلق لذلك يجب على الجميع التأكد من المعلومات قبل نشرها حتى نستطيع القضاء على الشائعات، ولتعش في أمان وراحة واسترخاء اجلس بالبيت ومن الأزمة تخطيت.

وأخيراً.. هناك مثل ياباني يقول: "الأزمات فرص"؛ فأزمة كورونا صعبة كدرت خواطر الناس، لكنّها كانت فرصة نسجت تكاتفا وإبداعات وابتكارات، واكتشاف مهارات وقدرات لدى الفرد نفسه. فلنستفد جميعا بأخذ الدروس النافعة من الأزمات ونحوّلها إلى فرص لكسب شتى أنواع الخير رغم المتاعب منها حتى نتمتع بنفسية عالية لها القدرة على أن تتقبل الخير الكثير وأن تتفادى شر الأزمة التي نعيشها.

ونختم مقالنا أيضا بما قاله الكاتب الأمريكي مارك توين: "الشجاعة هي مقاومة الخوف والتحكم به وليس عدم الخوف". لذا فليكن الجميع شجاعًا في مقاومة تصحر الخوف، والتحكم به؛ لأنّ الخوف قد يكون طبيعي وغير طبيعي وعلى ذلك عليكم بسقي أرض الطمأنينة بمطر المقاومة والأمل؛ حتى نصل إلى الخوف الطبيعي.

تعليق عبر الفيس بوك