الابتكار.. طريق المستقبل

 

فايزة سويلم الكلبانية

 

أكاد أجزم اليوم بأنّ أغلبية الموظفين والعاملين في القطاعين العام والخاص، عن بعد في مختلف الجهات والقطاعات، بسبب تفشي جائحة كورونا، بدأوا يعتادون على الحياة العملية الجديدة، رغم التحديات وعلى رأسها ضعف شبكات الانترنت، إلا أنّه لم يعق رغبتهم في الابتكار والبحث عن البدائل للاتصال والتواصل في ظل وجود التقنية وتطبيقات الابتكار التقني، وجهود شركات الاتصالات لدعم هذا التوجه.

هذا إلى جانب منصّات التعليم عن بعد للطلبة والدارسين بمختلف فئاتهم، فضلا عن أنشطة الترفيه، حيث بدأ الكثير في تحويل آليات متابعتهم للأفلام والمسلسلات إلى تطبيقات الانترنت ومنها على سبيل المثال "نتفليكس". وكان "كورونا" سببا في الاستجابة للتحول التقني في مختلف الأعمال، والبحث عن بدائل للتواصل وإكمال الأعمال لاسيما الضرورية منها، والتي لطالما كنا نتمنى تفعيلها وتطبيقها استعدادا لمعايشات التحول التقني في إنجاز الأعمال. ففي بعض الدول نجد الأطباء يعتادون على العمل وسط الروبوتات، وكذا الحال لمختلف الأعمال الأخرى.

كنا نناشد دائما بالتوجه نحو الاهتمام بالتطور التقني، والارتقاء بمهارات المبتكرين العمانيين، واليوم وفي ظل انتشار جائحة كورونا اتجهت السلطنة، عبر مختلف الجهات المعنية، نحو البحث عن تقنيات تكنولوجية تساعدهم على إنجاز أعمالهم وتوفير الأمن الغذائي أو لمواصلة التعليم عن بعد، فضلا عن التقنيات المعنية بالنقل واللوجستيات أو انعقاد الاجتماعات كما يحدث بين اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا وتواصلها مع مختلف الجهات داخل وخارج السلطنة، منها برنامج "Zoom" الذي أصبح وسيلة لعقد الاجتماعات بين مختلف الأطراف لإنجاز الأعمال عن بعد، وغيره من البرامج المتاحة التي تخدم كافة شرائح المجتمع. ونلاحظ هنا مؤسسة ذات أداء نوعي وعمل وفريد وهي الصندوق العماني للتكنولوجيا الذي يعمل بالشراكة مع الجهات الأخرى من الجهات الحكومية لتوظيف استثمارات الصندوق الابتكارية في الشركات الناشئة للمساهمة في الحد من انتشار كورونا، عبر خدمات ابتكارية متطورة تعتمد على التقنيات الحديثة.

وتوجت هذه الجهود مؤخرا بتشكيل لجنة رئيسية للابتكار التقني لمواجهة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" وذلك برئاسة معالي عزة بنت سليمان الإسماعيلية وزيرة التقنية والاتصالات، ما يبشر بطفرة تقنية وابتكارية مرتقبة إن شاء الله.

ومثل هذه الطفرة التقنية مهد لها الصندوق العماني للتكنولوجيا من خلال دوره التقني البارز منذ بداية آثار هذه الجائحة؛ حيث عمل على توظيف استثمارات الصندوق التقنية لخدمة القطاعات المختلفة، ودشّن عدد من المنصّات والشركات الناشئة ليستثمر فيها ضمن مبادرة تخصيص مليون ريال عماني للشركات التي تقدم حلولا فورية تخدم المجتمع للتغلب على تحديات انتشار فيروس كورونا، وبما يحقق استدامة اقتصادنا الوطني بالشراكة مع عدد من الجهات المختلفة. وتمّ إطلاق نحو 14 مشروعًا في قطاعات الصحة والتعليم والغذاء لمواجهة كورونا، إلى جانب إطلاق منصات تساهم في الأمن الغذائي والنقل واللوجستيات والاستزراع السمكي والبيع والشراء والتوصيل. وبلغ عدد استثمارات الصندوق العماني للتكنولوجيا في عامه الثالث 108 مشاريع ابتكارية تكنولوجية، مع تصدر المشاريع العمانية للمرتبة الأولى؛ حيث بلغت المشاريع العمانية نسبة 66% من مجموع استثمارات الصندوق على مستوى العالم. وحقق الصندوق المرتبة الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متصدرا الصناديق الاستثمارية في رأس المال الجريء، والمتخصصة في الشركات الناشئة، حسب تقرير "ماجنيت".

إننا اليوم أمام فرصة تاريخية لتعظيم الاعتماد على الابتكارات التقنية، بما يسهم في زيادة الإنتاجية وتوفير فرص العمل، علاوة على المساعدة في مواجهة التحديات المختلفة، مثل تحدي الجائحة الحالية، وغيرها من التحديات، وإنني لأدعو الجميع وخاصة المديرين ورؤساء الوحدات والهيئات والشركات في القطاع الخاص لكي يدعموا هذا التحول التقني، وأن يؤمنوا بأنّ التقنية هي طريق المستقبل، والابتكار هو اللغة التي سيتحدث بها العالم في السنوات والعقود المقبلة.