نجاح طبي مفاجئ.. لكنّه طبيعي!

 

سلطان بن سليمان العبري

Sultan12444@gmail.com

نجحت السلطنة وبامتياز في إدارة "ملف كورونا" أحد أصعب الملفات في العالم والذي فشلت في مواجهته دول عالمية عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية، وجاء النجاح العماني بدون كلمات رنانة وديباجة وبدون حتى أن تعرف فيه السلطنة أو تتدخل. فقد تمّ تصنيف السلطنة ضمن أفضل40 دولة من قبل مجموعة Deep Knowledge Group "-المعرفة المتعمقة - إحدى أهم المصادر العلمية في العالم، وهي مجموعة من المنظمات التجارية غير الربحية النشطة المتخصصة في العلوم، الطب، الاقتصاد، الاستثمار، ريادة الأعمال، التحليلات، وسائل الإعلام والأعمال الخيرية.

ولم تكن عدد حالات الانتشار أو حتى الشفاء من عدمه ضمن المعايير الأربعة التي حددتها "المجموعة" لاختيار الأفضل والأسوأ، ذلك أنّ طبيعة أي وباء أن ينتشر وأن ينتج عنه موت وحياة، لكن المعايير الأربعة تمحورت حول:

1- تفاصيل الحجر وتحمّل نتائجه على السكان.

 2- قدرة الفحص والكشف والمتابعة للحالات.

 3- الإدارة الحكومية للوباء والخطط.

 4- الجاهزية الطبية (أطباء وممرضين وعدد أجهزة التنفس الاصطناعي وأسرة) غيرها.

والمدقق للعوامل الأربعة يجد أنّها تتمحور حول أفضل الدول في حماية مواطنيها من المرض، وهذا بيت القصيد ومحوره وأساسه.

أما أساس التقدم الصحي الذي ربما لم نهتم به في السلطنة فيقوم على نظرية مهمة مفادها، أننا كبلد دخلنا عالم الطب متأخرا لأسباب لا داعي لذكرها الأن، لكنّ المهم أننا دخلناها ولو متأخرين بسنوات، لكنّا تقدمنا على دول أوروبية سبقناها في التصنيف كليتوانيا ومولدافيا وسلوفينيا، وحتى أننا سبقنا مهد الطب في أوروبا "بريطانيا" ونظيرتها في القارة المقابلة.. أمريكا!

ولمن يتابع تقارير هذه المجموعة وانتبه لهذا التقرير الذي صدر منتصف شهر أبريل، فقد يشكك باحتلال "إسرائيل" المركز الأول وبالتالي بالتقرير بمجلة طبقا لنظرية المؤامرة، لكنّ المتأمل والقارئ "التاريخي" لمسير الصهاينة عموما فسيجد أنهم من أكثر المهتمين بموضوع الطب منذ قرون، حيث درسوه وبرعوا فيه منذ زمن الدولة العباسية وفي الأندلس والدولة العثمانية والعصر الحديث، ومن يتابع الطب في أمريكا سيجد أشهر أعلامه من اليهود، مصداقاً لقوله تعالى "وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ..."... لكن حرص الحكومة العمانية لم يأت على الحياة فحسب بل على الآخرة، مصداقا لقوله تعالى " وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" وهي البوابة التي انطلقت منها أشرعة السلطنة نحو التطوّر الطبي، فالمتتبع لهذا الملف الشائك يجد أنّ السلطنة لم تفرق ولو لثانية بين مقيم ووافد، بل إن ذكرهم في الأخبار والتحليلات جاء من باب التصنيف "كذكر وأنثى، وصغير وكبير وهو ما تمّ التركيز عليه كثيرًا في تناقل أخبار هذا المرض، حيث تتم دراسته بعناية والتفريق في الأعمار والجنس... إلخ ".. لأنّه مرض وفيروس مستجد على الكرة الأرضية لذا وجب الإحاطة بأدق وأصغر العلامات حوله.

ولمن لا يدري فالسلطنة من أفضل الدول الخليجية والعربية في مجال "فتح القلب وزراعة الشبكات" وتوابعه، حتى أنّ جراحة قلب الأطفال باتت أقرب لتخصص عماني خليجي، والملفت أكثر بأنّ هناك الكثير من الأعلام الطبية العمانية من أبناء السلطنة وليسوا من الوافدين الذي نحترمهم لكن من باب التصنيف وجب الإشارة إليهم، في حين أنّ كثيرًا من الدول الخليجية المحيطة إن تميّزت طبيا فيعود ذلك في الغالب للوافدين فيهم، ما يعني توفيرهم للآلة والتجهيزات، فيما جمعت السلطنة المجد من طرفيه "الإنسان والآلة".

تعليق عبر الفيس بوك