محمد بن رامس الرواس
المكان غلاف غزة وتحديداً ساحة يُطلق عليها ساحة نوفا والحدث إقامة حفلة كبرى صاخبة، كانت تلك الليلة تبدو ليلة عادية مثل بقية الليالي التي مرت لكن الكيان الإسرائيلي بعد فجرها من أكتوبر الفائت بقليل حدث له أكبر اختراق أمني واستخباراتي لحق به في تاريخ صراعه مع الفلسطينيين.
لقد كان الكيان الإسرائيلي قبل تلك الليلة مغرورا بقوته وإمكانياته وحلفائه ظاناً أن بطشه لا يمكن مجابهته، وأنه مسيطر على الأوضاع في فلسطين بشكل تام وقطاع غزة تحديداً وأن الأمور تمضي حيث أراد ولم يكن ليحسب حساباً لحدوث مثل عملية طوفان الأقصى، قبل تلك الليلة بساعات من السابع من أكتوبر الفائت انتهت الترتيبات النهائية لعملية طوفان الأقصى وشرع القادة من حماس والقسام في اجتماعهم الأخير وضع اللمسات النهائية قبل بدء ساعة الصفر وقرأوا الفاتحة مباركين بدء العملية التي تمت في تكتم شديد، وكان حدوثها مفاجأة لم تكن بالحسبان غيَّرت من بعدها مسار كثير من الأمور في المنطقة العربية خاصة والعالم عامة.
لقد تمَّ خلال هذا الاجتماع قبل البدء مراجعة كل الاحتمالات الموجودة وسيناريو المعركة، فلقد تم الاتفاق على تسيير 2700 جندي من النخبة الذين تمَّ تدريبهم استعدادا لتلك الليلة قبل سنوات فائتة والذين صاحب دخولهم إطلاق 4700 قذيفة وجهت من قطاع غزة إلى إسرائيل.
في تلك الليلة ضربت أجهزة المراقبة والتجسس وصاحب ذلك تقطيع السياج الأكثر حماية في منطقة الشرق الأوسط إن يكن لم بالعالم، تلاه أسر 225 أسيرًا والاستيلاء على أجهزة التجسس والتنصت والحواسيب الإلكترونية التي تحمل ذخيرة كبيرة من المعلومات، لقد أطاحت نخبة المقاومة بأسطورة قوات الردع الإسرائيلية وأصابتهم في مقتل.
وبعد عام مضى من تلك الليلة مع كل ما قامت دولة الكيان الإسرائيلي وحلفاؤها لم تحقق أهداف الحرب الأربعة التي وضعتها لنفسها ولم تنل من غزة إلا قتل المدنيين وتدمير المباني وتدمير عدد محدود من الأنفاق وتحرير عدد محدود من الأسرى الذين في قبضة كتائب المقاومة وبعض الاغتيالات لقادة المقاومة لكن خارج غزة، لكن في المقابل أعيدت القضية الفلسطينية لواجهة الأحداث وتحرك على أثرها العديد من الدول الحرة بالعالم للوقوف مع أهل الحق وأقيمت المظاهرات بالشرق والغرب سواء من عمال أو سياسين أو مدنيين أو طلبة جامعات وأثيرت القضية الفلسطينية بمحكمة العدل الدولية والجنايات الدولة ورفعت القضايا على إسرائيل وانبرى أحرار العالم بالأمم المتحدة يساندون الفلسطينيين، وانقلبت الطاولة على دولة الكيان التي تعرت بالكامل أمام العالم جراء البطش والإبادة والإجرام الذي ترتكبه ولم تبالِ بالمجتمع والحقوق الدولية معتمدة على حلفائها وأذرعها الإعلامية التي لم تستطع أن تواجه الحقائق فالحقائق عنيدة كما يُقال، وبقيت تلك الليلة علامة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.