التعافي سيكون أبطأ من المتوقع حال تخفيف الإغلاقات

"فايننشال تايمز": الاقتصاد العالمي يغرق في انكماش تاريخي

 

 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

أكدت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن الاقتصاد العالمي يغرق بالفعل في انكماش تاريخي، هو الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك في ظل التأثيرات العنيفة للفيروس التاجي على الاقتصاد العالمي.

ووفقًا لأحدث مؤشر تتبع صادر عن بروكينجز فايننشال تايمز Brookings-FT، فإنَّ هذه الأزمة تحدث رغم عدم الوصول إلى ذروة الإصابات بالفيروس في أمريكا وأوروبا.

وتأتي هذه التقديرات في الوقت الذي يستعد فيه صندوق النقد الدولي لعقد اجتماعات الربيع هذا الأسبوع عبر الإنترنت؛ حيث سيصدر توقعات تظهر انكماشًا أعمق للاقتصاد العالمي منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي.

وتشير البيانات إلى أنه مع تراجع مؤشرات الثقة عن الهاوية، فإنَّ الأسواق المالية المضطربة والمؤشرات الاقتصادية الحقيقية تنخفض، والإفلاس وفقدان الوظائف سيترك ندوبًا عميقة على الاقتصاد العالمي ويعيق شفاءه لفترة طويلة قادمة.

وقالت كريستينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي إن 170 دولة من بين 189 دولة عضو ستعاني من انخفاض الإنتاج لكل فرد في عام 2020. وأضافت "إن النظرة القاتمة تنطبق على الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء. فهذه الأزمة لا تعرف حدودا. فالوضع مؤلم للجميع".

وقال البروفيسور إسوار براساد من معهد بروكينجز للأبحاث، الذي شجب عدم وجود استجابة منسقة للسياسة من الحكومات، إنه في ظل عدم وجود دولة محصنة من أزمة كوفيد 19، فإن التعافي بمجرد تخفيف عمليات الإغلاق من المرجح أن يكون أبطأ مما كان متوقعًا.

فعدم قدرة الحكومات الوطنية على الاجتماع حتى في مثل هذا الوقت الحرج لتشكيل جبهة مشتركة ضد الوباء يسلط الضوء على الانقسام الخطير للتعاون الدولي. وقال البروفيسور براساد إنَّ هذا يضر أكثر بثقة الأعمال وثقة المستهلك، التي هي بالفعل في حالة سقوط حر.

وأضاف أن الاقتصاد الأمريكي وصل إلى طريق مسدود.  أما فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة تواجه ركودًا تاريخيًا مع تعثر جميع مؤشرات النشاط والتجارة.

ويقارن مؤشر تتبع Brookings-FT للانتعاش الاقتصادي العالمي "تايجر" (Tiger) مؤشرات النشاط الحقيقي والأسواق المالية وثقة المستثمرين مع متوسطاتها التاريخية للاقتصاد العالمي والبلدان الفردية.

وظهر انخفاض تاريخي كبير عبر المؤشرات المالية والبيانات الاقتصادية الحقيقية ومؤشرات الثقة خلال شهر مارس الماضي، قبل وقت طويل من أسوأ الآثار على اقتصادات معظم البلدان.

في الصين، فقط، استقرت البيانات؛ حيث سجلت المؤشرات انخفاضاً حاداً في وقت مبكر بعد أن عانت أولاً من عمليات الإغلاق بعد ظهور فيروس تاجي في ووهان.

وقال براساد "في بعض النواحي، تمَّ بناء اقتصاد القيادة في الصين لتحمل مثل هذه الصدمات الضخمة بشكل أفضل مقارنة باقتصاديات السوق. لكن الاقتصاد بالكاد يخرج من العاصفة، خاصة مع ارتفاع البطالة، ومن المرجح أن يظل الطلب المحلي والخارجي ضعيفًا، وبالنظر إلى مخاطر الموجة الثانية من العدوى".

ويتعين على العديد من الاقتصادات الناشئة الأخرى أن تتعامل ليس فقط مع أزمة صحية واقتصادية، ولكن أيضًا مع هروب رأس المال أسوأ مما كانت عليه في الأزمة المالية العالمية 2008-2009 والانخفاض المفاجئ في الطلب على صادراتها.

وتتوافق القراءة المتشائمة لمؤشر "تايجر" مع المؤشرات والتوقعات الاقتصادية الأخرى، والتي تشير بشكل متزايد إلى أصعب لحظة للاقتصاد العالمي منذ قرن تقريبًا.

وتوقع معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن تصل نسب البطالة الأمريكية إلى حوالي 20% في الربع الثاني من هذا العام، وستُعاني منطقة اليورو من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12%.

وفي المملكة المتحدة، توقع المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية أنَّه بحلول نهاية الربع الثاني، سيكون إنتاج المملكة المتحدة أقل بنسبة 25% عمَّا كان عليه في بداية العام، قبل أن يبدأ في التعافي.

وينقسم الاقتصاديون حول سرعة أي انتعاش بمجرد رفع عمليات الإغلاق، على الرغم من أنهم جميعا يتفقون على أنَّ هذا سيعتمد على المخاطر المستمرة من وباء كوفيد-19 والأنظمة الصحية في العديد من البلدان.

ووضعت كارين دينان من معهد بيترسون نفسها في زمرة المحللين الإيجابيين، معتقدة أن التعافي سيكون قويًا إلى حد معقول، على الرغم من أنَّها حذرت من "انتكاسات"؛ حيث يتم تخفيف عمليات الإغلاق تدريجيًا.

تعليق عبر الفيس بوك