طالب المقبالي
muqbali@gmail.com
كانت هناك جملة ذكية تتصدر بطاقات الدعوة للأعراس والمناسبات قد اخترعتها أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا بذكاء لا يخلو من الدهاء؛ لمنع اصطحاب الأطفال لهذه المناسبات؛ تفادياً للشغب الذي يحدثه الأطفال بعفويتهم الطفولية "جنّة الأطفال منازلهم".
واليوم أصبح تطبيق هذه الجملة ضرورة لا بد منها ولكن ليس للأطفال وحدهم، وإنّما للجميع من العمانيين ومن الجاليات المقيمة في السلطنة لنحولها من جملة للأطفال إلى جملة للناس جميعاً "جنة الناس منازلهم".
فالوضع أصبح مقلقاً في ظل ارتفاع عدد حالات المصابين بمرض كرونا "كوفيد 19" في ظل التهاون والاستهتار من قبل البعض في تجاوز التعليمات والنصائح، التي تصدرها الجهات الرسميّة في السلطنة؛ والمتمثلة في اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) والتي شُكلت بأوامر سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه-.
وعلى منصة التواصل الاجتماعي تويتر تجاوز الوسم #خلك_في_البيت قرابة الستة وعشرين ألف تغريدة، محققاً في وقت سابق أعلى ترند عماني.
مما يدل على أهميّة المرحلة للتصدي لوباء فيروس كرونا كوفيد 19 الذي اجتاح العالم، وحصد أكثر من عشرة آلاف نفس بشرية على مستوى العالم.
فلم يأت إطلاق هذا الوسم وهذه النداءات من فراغ، سواء من قبل وزارة الصحة، ومختلف الجهات الحكومية ووسائل الإعلام والكتاب والصحفيين، الذين يحثون على البقاء في المنزل وعدم الخروج إلا للضرورات القصوى.
فهناك ثلاثة مراحل قد تجاوزتها السلطنة للتخفيف من وطأة هذا الوباء، فيما تعد هذه المرحلة هي المرحلة الحاسمة للقضاء على الفايروس بعد غلق المطارات والمنافذ الحدودية على القادمين من خارج السلطنة عدا العمانيين، وكذلك تعطيل الدراسة في المدارس والكليات والجامعات، وغلق المساجد ودور العبادة والأسواق والحدائق العامة ودور السينما والأندية الرياضية، وأعقبها بالأمس غلق جميع المحلات التجارية في جميع أنحاء السلطنة عدا المحلات التي تبيع المواد التموينية، من أجل احتواء المرض وعدم انتشاره، مما يتطلب تعاون سكان السلطنة من العمانيين والمقيمين في البقاء في منازلهم وعدم الاختلاط والتجمع.
ولكن من المؤسف أن نرى ونسمع عن تجاوزات من البعض من خلال ارتياد الشواطئ في مجموعات، ويعقد البعض جلسات السمر واللعب لتمضية الوقت رغم التنبيهات والتحذيرات من خطورة هذا الوباء وسهولة انتقاله لغير مصابين والتي لا تظهر أعراضه إلا بعد أيام من الإصابة.
ومنذ الإعلان عن هذا المرض لم تدخر وزارة الصحة أي جهد في سبيل توعية المواطنين.
والوزارة في بيانها الأخير رقم (27) الصادر بتاريخ 24 مارس 2020 أعلنت تسجيل عدد (18) حالة إصابة جديدة بمرض فيروس كوفيد 19 في السلطنة، لمواطنين، إحدى عشرة (11) حالة منها مرتبطة بالمخالطة لمرضى سابقين، وخمس حالات (5) مرتبطة بالسفر إلى بريطانيا والإمارات، وتخضع حالتان للتقصي الوبائي.
ومن هنا يتبين أنّ حالات الإصابة بالعدوى بدأت في الارتفاع، مما يعني أنّ هناك تجاوزات وعدم اهتمام بالتعليمات التي تحث على عدم الاختلاط بالأشخاص المصابين بالمرض، أو العائدين من الخارج لا سيما البلدان التي شهدت ارتفاعاً في عدد الحالات المصابة وحالات الوفيات، وبذلك يصبح العدد الكلّي للحالات المسجلة في السلطنة (84) حالة، في حين لم يرتفع عدد حالات التشافي عمّا كانت عليه منذ البيان رقم (25) والتي توقفت عند (17) حالة.
فلطالما أهابت وزارة الصحة للجميع بالتقيد بإجراءات الحجر الصحي حسب الإرشادات وعدم ارتياد الأماكن العامة أو المساجد أو دور العبادة، كما تهيب بجميع المواطنين والمقيمين المداومة على تنظيف اليدين بالماء والصابون وتجنب لمس الوجه والأنف والفم والعينين واتباع العادات الصحية عند العطس والسعال.
فيوماً بعد يوم، وفي ظل التجاوزات وارتفاع عدد حالات الإصابة بالعدوى فإن اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) تصدر قرارات إضافية للتصدي لاحتواء هذا المرض ولتجاوزات البعض للتنبيهات والتعليمات الصادرة من الجهات الرسمية بعدم ارتياد الأماكن العامة إلا للضرورات القصوى، أو التجمع في مجموعات، فجاء من بين القرارات التي اتخذتها اللجنة قرار بمنع التجمّعات بكافة أنواعها في الأماكن العامة، واتخاذ الإجراءات المناسبة حيال المخالفين.
كما تضمن القرار تقليص عدد الموظفين الموجودين في مقرّات العمل في الجهات الحكومية إلى ما لا يزيد عن 30% من إجمالي عدد الموظفين لإنجاز الأعمال الضرورية.
وإغلاق قاعات خدمات المراجعين في جميع المؤسسات العامة والخاصّة، واستخدام الخدمات الإلكترونية ما أمكن.
كذلك إغلاق كافة محلات الصرافة، على أن تقوم البنوك بتقديم خدمات الصرافة.
كما تمّ وقف الطباعة الورقية للصحف والمجلات والمنشورات بمختلف أنواعها ومنع تداولها، ومنع بيع وتداول الصحف والمجلات والمنشورات التي تصدر خارج السلطنة.
فاللجنة تتابع باستمرار تطورات الوضع وتفاقم الأزمة لتصدر القرارات في وقتها بشيء من الروية والدقة بما لا يؤثر على مسيرة الحياة في البلاد، وبما يؤمن تلافي تفاقم المشكلة.
فعمان دائماً وأبداً تتبع السياسات الحكيمة في تسيير الأمور، لتمضي عجلة الحياة بلا ضرر ولا ضرار.