متلازمة القلوب البيضاء

علي النعماني

ربما ترسّخ في أذهان الجميع التاريخ المميز ليوم الحادي والعشرين من مارس على أنّه يوم مرتبط بيوم الأم أو عيد الأم- كما يسمى- يحتفل فيه البعض ويهدون أمهاتهم تقديرًا وعرفانا لهن، وأنا دائما أذهب إلى أنّ قدر ومكانة الأم لا يختزل في يوم واحد فحسب بل إنّ كل الـ 365 يوما هي أيام للأم وجب فيها إظهار وافر التقدير والاحترام لها.

وفي المقابل فإنّ يوم الحادي والعشرين هو يوم عالمي تحتفل فيه دول العالم بفئة جميلة ولطيفة جدًا وهم جزء لا يتجزأ من المجتمع نتعايش معهم وندمجهم معنا بحب وود، هم أصحاب القلوب البيضاء والابتسامات الصافية الذين ما إن تراهم حتى تود أن تقترب منهم ومن تلك النفوس الطبية والنوايا النقية؛ وهذا وصف قليل في حق فئة متلازمة داون متلازمة الحب والجمال.

وللتعريف بهذه المتلازمة ومعرفة خصائص المصابين بها وإدماجهم في المجتمع بشكل شمولي اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر من العام 2011م في قرارها رقم (66/149) والذي يقر بتخصيص يوم الحادي والعشرين من كل عام يومًا عالميًا لمتلازمة دوان تحتفل فيه دول العالم ممثلة في المنظمات الدولية والمجتمع المدني بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لإذكاء التوعية الشاملة بهذه المتلازمة، وسبب اختيار هذا اليوم لم يأتِ مثل الأيام العالمية المعروفة والتي في أغلب الحال مرتبطة بحدث ما أو بتاريخ إصدار قرار اليوم ذاته؛ بل جاء سبب اختيار اليوم نسبة إلى سبب المتلازمة وهي زيادة في الكروموسوم 21 بحيث يصبح ثلاثة نسخ بدل اثنين زوجي، فأُخذ يوم 21 من الشهر الثالث في السنة؛ مارس.

ويأتي اليوم العالمي لمتلازمة دوان في هذا العام 2020م تحت شعار (نحن من يقرر) تعبيرا عن حق الاختيار والمشاركة الكاملة في اتخاذ القرارات الخاصة بحيواتهم أو تلك التي تؤثر عليهم.

وتُعّرف متلازمة دوان على أنّها اضطراب جيني ينتج عن اختلال في الكروموسومات بحيث يكون هناك كروموسوم زائدا عن الشخص الطبيعي بذلك يكون لدى المصاب 47 كروموسوم بدلا من 46 في خلايا جسد الشخص العادي، وتكون هناك نسخة إضافية قد تكون جزئية أو كاملة من الكروموسوم 21 كما أسلفنا سابقا. ومع ذلك لا يذهب العلماء إلى تصنيف المتلازمة على أنّها مرض وراثي أي أنه ليس بالضرورة أن يكون في تاريخ العائلة شخص مصاب بالمتلازمة لتكون هناك إصابة في الأجيال اللاحقة، وتصيب المتلازمة شخصا واحدا بين كل 1000 ولادة حيّة في أنحاء العالم، ووجد أنّ عمر الأم له دور في إمكانية حدوث الإصابة فكلّما كان عمر الأم أكبر كانت احتمالية الإصابة أكبر.

أمّا سبب تسميتها بداون فيعود لمكتشف هذه المتلازمة وهو جون داون والذي اكتشف وجود حالة هذه المتلازمة في عام 1866م وفي العام 1959م اكتشف الفرنسي لوجين السبب الحقيقي لهذه المتلازمة وفصّل تحديدا الكرموسوم والنسخة الزائدة منه.

وتوجد ثلاث فئات رئيسية للمتلازمة أولا ما يسمى بالتثّلث الحادي والعشرين وهو النوع الأكثر انتشارًا حيث تبلغ نسبة الإصابة منه 95% والثاني وهو الانتقال الصبغي ونسبة 4% والأخير وهو الفسيفسائية وتشكل نسبة فقط 1%.

المصابون بهذه المتلازمة يحملون في دواخلهم الحب والتقدير للآخرين تميزهم وجوههم السمحة المتشابهة عيونهم المتميزة وطول اللسان وقصر الأصابع وغيرها من الصفات المشتركة بينهم، علاوة على ضعف في القدرات العقلية وبعض المشاكل الصحية المصاحبة لدى البعض منهم. وختاما لابد لأفراد المجتمع والجهات المسؤولة بذل الجهد الأكبر في محاولة تمكين هؤلاء الأبطال وإدماجهم وتقدير قدراتهم وإمكاناهم من أجل أن يكونوا أشخاصًا فعّالين ومؤثرين مجتمعيا.

المراجع:-

  • موقع الأمم المتحدة

https://www.un.org

     -  برنامج دروب مشرقة إذاعة سلطنة عمان (حلقة متلازمة داون) بتاريخ 14 أكتوبر 2019

  • السويد، عبدالرحمن (ب، ت). متلازمة داون. جمعية الحق في الحياة غزة.