"كورونا".. هل هي النهاية؟!

فايزة الكلبانية

faiza@alroya.info

(1)

"وباء كورونا المستجد".. ذاك الفيروس الخفي غير الظاهر للعيان استطاع أن يفعل في عالمنا اليوم ما لم تتمكن من فعله "الحروب والصراعات" بالرغم من كثرة تأثيراتها وخسائرها، إلا أنّ الله وضع ابتلاءه للعالم في أضعف خلقه (إن صح التعبير)، كورونا استطاع أن ينشر الهلع والخوف بين مختلف دول العالم لسرعة انتشاره وخطورة الإصابة به وطريقة العدوى، كان تأثيره الخطر السريع سببا في توحيد الأزمة على العالم أجمع.

باتت الجهود الآن متحدة بحثا عن آليات للحد من انتشار الفيروس وتقليل الخسائر المترتبة ماديا وبشريا، ليتصدر "كورونا" المشهد اليوم في كل العالم، في وقت خسرت كثير من الدول عددا ليس بالقليل من الأرواح، علاوة على الخسائر الاقتصادية لينزلق العالم في أزمة جديدة تضاف إلى أزمة تراجع أسعار النفط وتداعياتها على الحياة.

كل الدول بقيت محافظًة على محيط حدودها البرية والجوية والبحرية مغلقة، وتمّ فرض حظر التجوال في عدد من الدول، وتوقفت الحياة اليومية، وكأنّ الديار أصبحت مهجورة وخالية من سكانها بعد أن كانت تضيق الأرض من زحمة وضجيج البشر اليومية.. قرارات مستمرة، وتعليمات احترازية بضرورة التزام الناس بيوتهم، لقد شلّت الحياة تفاديا لانتشار فيروس كورونا وحفاظا على صحة وسلامة الجميع.

(2)

ولمواجهة كورونا يجب تكاتف جميع الجهات المعنية، إضافة إلى ضرورة أن تكون هناك سرعة في اتخاذ القرارات وتنفيذها ودراسة سلبياتها وإيجابيّاتها، ومن هذا المنطلق وعلى الصعيد المحلي جاء تشكيل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، إلى جانب اللجان الأخرى المساندة في وخاصة في الجوانب الاقتصادية، والتي تعكف على طرح مجموعة من المبادرات لمساعدة القطاع الخاص لتجاوز الأزمة الاقتصادية المترتبة على تراجع أسعار النفط وتأثيرات انتشار فيروس كورونا.

"كورونا" كان سببا في أن تتلاحم الجهود بين مختلف الدول، فالجميع يسابق الزمن من أجل إنتاج لقاح أو طرح دواء لهذا الفيروس الخطير، "كورونا" كان سببا في أن تتضافر الجهود الإنسانية بين الدول والأشخاص فشكلوا في عدة دول ملحمة من التكافل والتضامن بالمساعدات، فقد أرسلت الصين طاقما طبيا إلى إيطاليا بمختلف المعدات الصحية والأدوات اللازمة لتساعدها في آلية التعامل مع الموقف وسرعة الانتشار في هذا البلد الأوروبي.

(3)

البعض يرى أنّ "كورونا سيحوّل العالم إلى الأفضل...!!" من منطلق "رب ضارة نافعة"، لكن تسبب الفيروس في انهيار الأسواق المالية والبورصات العالمية، وانهيار أسعار النفط لأدنى مستوياتها منذ سنوات، كما توقفت الحركة البرية والبحرية والجوية، والحياة الاقتصادية بشكل عام، كل هذه التداعيات ستكون سببا في أن تعيد كل دولة النظر في حساباتها ومصروفاتها وفواتيرها الاستهلاكية، والتي سيترتب عليها الكثير من الخسائر المالية والاقتصادية ولاسيّما التأثيرات التي ستلحق على القطاع الخاص، والذي سيكون بحاجة للدعم والمساندة لاسيما من كبار رجال الأعمال الذين استفادوا من خيرات البلد سابقا، فاليوم جاء دورهم للمساهمة مع الحكومة في إنعاش الوضع الاقتصادي، عبر المساهمات والمبادرات التي ستُحسب لهم، من خلال دعم خزينة الدولة أو القطاع الخاص أو النهوض بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تكبدت الكثير من الخسائر ولا زالت تحاول أن تظل صامدة حتى الرمق الأخير بعد أزمة تراجع أسعار النفط وأزمة كورونا.

(4)

اليوم يقف الجميع أمام خيارين: خسارة الأرواح أو خسارة الأرباح، لكن ولأنّ الإنسان أغلى ما في الكون، فقد كانت خسارة الأرباح هي الخيار الأول، فكل القرارات التي يتم تطبيقها في كل دول العالم ومنها السلطنة، تصب في حماية الإنسان، مهما تكلف ذلك من خسائر اقتصادية، وما قد يتكبده البعض من خسائر وتضحيات نتيجة لتوقف حركة الاعمال، فهي بمثابة "شر لا بد منه"، ومن هنا علينا أن نكون جميعنا يدًا واحدة سواء بالالتزام بالحجر المنزلي أو باتباع تعليمات الصحة اليومية أو بالالتزام بالبقاء في المنازل وعدم الخروج سوى في حالات الضرورة القصوى.

لكن يبقى أن نتعلم الدرس من هكذا أزمات، فتحقيق التنويع الاقتصادي وعدم الاكتفاء بعائدات النفط يجنبنا الكثير من الخسائر إذا ما انهار قطاع النفط عالميا، وأيضا العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء يحمينا من تقلبات الأسواق، ويجعلنا نتفادى الاضطرابات المصاحبة للأزمات، واحتمالية شح السلع والمنتجات، فهل نتعلم الدرس ونتخذ إجراءاتنا الاحتياطية قبل أن يأتي يوم لا ينفع الندم؟!