سعيد بن حميد الهطالي
نستأنف حديثنا عن عنصر القوة "الابتكار" هذا الإنزيم المحفز الذي يسّرع في إنعاش الخلايا النائمة للأفكار في آلية عمل الدماغ للحد من شيخوخته، وبث فيه روح التجدد والحيوية لمده بالشباب اليانع، الذي يجعله دائب الحركة والنشاط، في توهج متألق للتعزيز من تنمية قدراته العقلية والتحسين من ديمومتها لتوظيفها التوظيف الأمثل في جميع حقول المعرفة وميادينها.
إنّ ترسيخ ثقافة الابتكار يعني إثراء الفكر بالمعرفة، وإغنائه بالاطلاع، وإلمامه بعلوم الابتكار وقواعده وقوانينه، والدراية بسلوكه وقيمه ومهاراته، والإحاطة بأساليب ممارساته وتطبيقاته، والتعرف على مجالاته وميادينه.
يساور قلبي الزهو حين تطالعنا الصحف المحلية بين الفينة والأخرى ببعض المشاريع الذكية التي تنفذها عدد من الشركات الطلابية الناشئة بمبتكرات طلابية في بعض المؤسسات الأكاديمية، والتي آخر ما أطلعت عليه هو ما نشرته الصحف الصادرة في الأسبوع الماضي عن بعض من تلك الشركات منها على سبيل المثال وليس الحصر: (شركة روح الطلابية التابعة لمجموعة من طلاب الكلية التقنية بعبري التي اهتمت بالجوانب البيئية وإعادة التدوير، والقيام بإنتاج غذاء للدواجن من مواد وخامات معاد تدويرها من الطبيعة، ويعتبر منتج "زاد" أول منتجات الشركة الذي يهدف إلى تحفيز إنتاج البيض لدى الدجاج) وكذلك (شركة "روبا" الطلابية التي تنتمي إلى عدد من كليات جامعة السلطان قابوس، وهي شركة متخصصة في إنتاج الأعلاف الحيوانية ذات الجودة العالية، التي دشنت منتجها الأول "جوف" وهو عبارة عن علف صحي للدواجن البياضة بمواصفات مميزة).
وشركة ("بلامور الطلابية" من الكلية التقنية بالمصنعة التي ابتكرت خيوطاً حيوية بديلة للبلاستيك في عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد..).
وشركة ("أرفاد" الطلابية من جامعة السلطان قابوس التي ابتكرت مادة خاماً بديلة لمادة البلاستيك الصناعي مستخرجة من مادة الآجار الموجودة في الطحالب الحمراء والأعشاب البحرية..)، وغيرهن من الشركات الطلابية التي تتنافس فيما بينها لتعرض أهم أعمالها وأفكارها المبتكرة التي ستؤهلها للمنافسة في المسابقات التي تعقد في كل عام.
مثل هذه النماذج من المشاريع الطلابية المبتكرة لم تكن لتظهر لو لم يتم تهيئة البيئة الحاضنة لدعم قدراتها البحثية والابتكارية من قبل تلك المؤسسات الأكاديمية، فهي تعتبر شركات ناشئة تساعد على إعداد الشباب وتطوير مهاراتهم الريادية، وتمكين قدراتهم الإبداعية والابتكارية، وتعزيز النظرة الواعية لديهم على استشراف المستقبل لاستقراء توجهات شركاتهم الواعدة في مجال ريادة الأعمال، التي يتطلع مساهمتها في تعزيز ورفد الاقتصاد الوطني متبنين المنهجيات والأساليب العلمية التي تسهم في مواكبة التطورات العالمية الحديثة في مجالات الابتكار.
بالإضافة إلى حصول العديد من أوراق البحث التي قدمت من قبل طلبة عمانيين في مؤتمرات دولية على نتائج استثنائية مشّرفة كان آخرها ما طالعتنا به الصحف صباح الأحد الموافق 15 مارس 2020م، ((للباحث العُماني الدكتور عوف بن عبدالرحمن الذي حصلت ورقته البحثية التي تمهد "لصناعة عقاقير فعالة لعلاج سرطان العظام" على أفضل ورقة بحثية على مستوى أبحاث العلوم الطبية في المؤتمر الدولي التاسع عشر بجنوب أفريقيا) وغيرها من ورقات العمل التي حازت في السنوات الماضية على مراكز علمية وبحثية متقدمة.
عليه، لا بد من توحيد الجهود لإحاطة مثل هذه الابتكارات وغيرها من الممارسات الإبداعية بالعناية والرعاية والاهتمام من قبل مؤسسات الدولة لتوفير الدعم اللازم لها مادياً ومعنوياً، وتبنيها، والوقوف مع الشباب الذي يمثلون الدعامة الأساسية، والمحرك الأهم لعجلة تقدم الوطن وتطوره.. ليساهموا في بنائه الاقتصادي القائم على المعرفة التي هي المورد الحيوي الذي تنهل منه العقول لصيرورة المجتمع وتقدمه..
وللحديث بقية..