ترجمة- رنا عبدالحكيم
أكدت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة هي الخاسر الأكبر من حرب أسعار النفط التي تشنها كل من السعودية وروسيا، ومن ثم تهديد الاقتصاد العالمي.
وفي افتتاحيتها، تقول الصحيفة إنه بعد سنوات من خسارة حصته في السوق في قطاع الوقود الصخري في الولايات المتحدة، والعقوبات التي فرضتها واشنطن على صناعة النفط الروسية رداً على الانتهاكات المختلفة لموسكو في الشؤون الدولية، قرر الرئيس فلاديمير بوتين القتال، في شكل الإنتاج غير المقيد الذي يهدد بإفلاس العديد من الشركات الأمريكية المثقلة بالديون.
ودوافع بوتين للتحرك تتمثل في ركود الاستهلاك العالمي الذي تحول إلى تباطؤ مباشر بسبب فيروس كورونا. وبصفتها الرئيس الفعلي لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، حاولت المملكة العربية السعودية إقناع بوتين بخفض إنتاجه جنبًا إلى جنب مع المنظمة، من أجل دعم الأسعار. لكن عندما رفض بوتين، رد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بإعلان أن بلاده ستدير صناعتها بأقصى قدر من الإنتاج في المستقبل المنظور. وحتى الآن، لم ترضخ روسيا للضغوط، لأن موسكو تستطيع أن توازن ميزانيتها بسعر النفط أقل بكثير من المملكة العربية السعودية، ولأن بوتين يشتم فرصة للانتقام من الولايات المتحدة. ومن المرجح أن تتلقى فنزويلا وإيران؛ شريكتا روسيا المصدرة للنفط- واللتان تعانيان بالفعل من الاضطرابات السياسية وفيروس كورونا، على التوالي- ضربات مزعزعة للاستقرار السياسي نتيجة لذلك، لكن يبدو أن هاتين الدولتين هما أولويات أقل بالنسبة لموسكو.
وكان رد الرئيس ترامب الفوري على كل هذا هو الاحتفال بتخفيض الأسعار في مضخة الغاز، والتي هي في الواقع بمثابة تخفيض ضريبي للمستهلكين الأمريكيين. المشكلة هي أن ما قد تكسبه الولايات المتحدة في القوة الشرائية للمستهلكين، ستخسره في حالة عدم استقرار النظام المالي، حيث تنتشر مشكلات التصحيح النفطي لتشمل دائنيها وحملة الأسهم في وول ستريت. وقد يكون هناك تأثير ذو حدين على المناخ أيضًا، نظرًا لأن انبعاثات غازات الدفيئة ترتفع بسبب الاستهلاك الزائد من النفط الأرخص، وتنخفض عندما ينخفض الإنتاج في حقول النفط الأمريكية. وبصفتها مستهلكًا ضخمًا ومنتجًا ضخمًا للنفط في المستقبل المنظور، فإن الولايات المتحدة على جانبي أكبر مقايضة في العالم، اقتصاديًا وبيئيًا. ومن شأن ضريبة الكربون أن تمكننا من التحكم في مخاطر المناخ بغض النظر عن الطريقة التي تتحرك بها الأسواق.
من الناحية الجيوسياسية، يجب على ترامب أن يستوعب الدرس الذي مفاده أن الرئيس الروسي ليس صديقًا للولايات المتحدة، فعليًا أو محتملًا، بل هو على استعداد للعب ضد المصالح الحيوية لهذا البلد. وأظهر ولي العهد السعودي، أيضًا، أنه لاعب غير موثوق به على الساحة الدولية، مما يعرض الاقتصاد الأمريكي للخطر عندما يناسبه، على الرغم من المساعدة العسكرية الهائلة والدعم الخطابي الفخم الذي قدمته إدارة ترامب له. في الوقت الذي يحتاج فيه العالم بأسره إلى التوحيد في مواجهة تهديد عالمي للصحة العامة، يقوم هذان الرجلان بزعزعة الاستقرار من أجل غاياتهما الأنانية.