رئيس مجلس الدولة يؤكد: خطاب جلالة السلطان أجندة عمل وطنية لكافة مؤسسات الدولة

تشكيل لجنة لإعداد المسودة النهائية لمشروع قانون "مكافحة التجارة المستترة"

◄ للمرة الأولى.. تعادل التصويت على مواد مشروع القانون وصوت الرئيس يحسم القرار

◄ المنذري: ليس من صلاحيات المجلس رفض مشروع قانون

◄ جدل حول "التفرغ لإدارة النشاط وتشغيل عماني واحد على الأقل"

◄ الحارثي: "التجارة المستترة" يندرج ضمن تنفيذ توصيات "ندوة سيح الشامخات"

◄ 19 مادة موزعة على 3 فصول بمشروع القانون

◄ ضرورة أن يتضمن مشروع القانون تعريفا دقيقا لمفهوم "التستر التجاري"

◄ اليحمدية: 173 نشاطا تجاريا مسجلا لا يعمل فيها عماني واحد

◄ تطبيق القانون يوفر "عشرات الآلاف" من فرص العمل للمواطنين

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

 

أنهى المكرمون أعضاء مجلس الدولة أمس مناقشة مشروع قانون "مكافحة التجارة المستترة" المقدم من مجلس الوزراء، حيث جرى استعراض المرئيات والمقترحات التي وردت من مجلس الشورى إلى جانب مرئيات اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة، وسط تباين في الآراء حول عدد من مواد المشروع، بدءًا من توقيت مشروع القانون ومناسبة مناقشته، مرورًا باسم القانون وتفاصيل مواده، إلى مرئيات اللجنة الاقتصادية بالمجلس.

ولأوّل مرة في جلسات مجلس الدولة، يصل التباين في الرأي إلى تساوي عدد الموافقين وغير الموافقين في التصويت على إحدى المواد، حيث جرى اللجوء إلى رأي رئيس مجلس الدولة لترجيح إحدى الكفتين. فقد شهد مقترح مقدم من اللجنة الاقتصادية بالمجلس بإضافة مادة على المادة الثانية من القانون تضع "اعتبار الأنشطة التي لا يتفرّغ صاحبها العماني لإدارتها ولا يعمل بها عماني واحد" ضمن الأنشطة التي تمارس التجارة المستترة، ورجّح صوت معالي رئيس المجلس كفة غير الموافقين على هذا المقترح. وبنهاية الجلسة قرر المجلس تشكيل لجنة صياغة فنية لإعداد المسودة النهائية لتضمين مرئيات المكرمين الأعضاء حول مشروع القانون.

جاء ذلك خلال الجلسة العادية السادسة لدور الانعقاد السنوي الأول من الفترة السابعة للمجلس برئاسة معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة، بحضور المكرمين أعضاء المجلس، وسعادة الدكتور الأمين العام للمجلس.

وقال معاليه في كلمة له بمستهل الجلسة: "إنّ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تفضّل فألقى خطابا تاريخيا شاملا حدد فيه معالم المرحلة القادمة في مسيرة النهضة المباركة، تلاه- أعزه الله وأبقاه -بحديثه في أثناء ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء الموقر الذي أكّد فيه أهمية الاستدامة المالية للدولة بالحرص على توجيه مواردنا المالية التوجيه الأمثل، بما يضمن خفض المديونية وزيادة الدخل". وأضاف معاليه: "كما وجّه جلالته - حفظه الله ورعاه- بضرورة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتطويره، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين، وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئه وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة، إلى جانب الاهتمام بدراسة آليات تطوير التعليم، والحرص على الاستماع للشباب، وتلمس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، وتطوير إطار وطني شامل للتشغيل في القطاعين العام والخاص، لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد والخبرات والكفاءات الوطنية، واستيعاب أكبر قدر ممكن من الشباب، وتمكينهم من الانخراط في سوق العمل".

وأكّد معالي الدكتور رئيس المجلس أنّ هذه الأجندة الوطنية التي حفل بها خطاب جلالته- حفظه الله ورعاه- هي بمثابة الطريق لنا جميعا في مختلف مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والرقابية للعمل بموجبها، والسير بمقتضاها، والبحث عن آليات العمل المناسبة لوضعها موضع التنفيذ، فبناء الأمم وتطورها - كما قال جلالته في خطابه يوم الثالث والعشرين من فبراير  الماضي- مسؤولية عامة يلتزم بها الجميع ولا يستثنى أحد من القيام بدوره  فيها، كل في مجاله وبقدر استطاعته، فقد تأسست عمان وترسّخ وجودها الحضاري بتضحيات أبنائها، وبذلهم الغالي والنفيس من أجل الحفاظ على عزّتها ومنعتها، وإخلاصهم في أداء واجباتهم الوطنية، وإعلائهم لمصالح الوطن على المصالح الشخصية".

وتابع معاليه قائلا إنّ مجلس الدولة بكافة لجانه وأجهزته المختصة سيكون له هذا الخطاب السامي الكريم برنامجا لعمله وفعالياته المقبلة، مساهمة منه مع سائر مؤسسات الدولة للانتقال بالسلطنة إلى مستوى تطلعات جلالته وطموحات أبناء شعبه الوفي وآمالهم معاهدين الله عز وجل أن نكرس أعمالنا من أجل عمان وطنا وقائدا وشعبا، كما نسأله تعالى أن يمدنا بعونه وتوفيقه.

تقرير اللجنة الاقتصادية

عقب ذلك، قدّم المكرم الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس بيان اللجنة حول مشروع قانون التجارة المستترة، موضحا أنّ إعداد مشروع القانون جاء في إطار تنفيذ توصيات ندوة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في "سيح الشامخات" التي عقدت في نهاية يناير 2013م، مشيرا إلى أن مشروع القانون يتضمن (19) مادة موزعة على ثلاثة فصول هي: تعريفات وأحكام عامة، وضبط المخالفات والتصرف فيها بالإضافة إلى العقوبات.

وأشار إلى أن اللجنة الاقتصادية أعدت مذكرة حول مشروع القانون استهدفت تشخيص وضع التجارة المستترة لتحديد مدى الحاجة لإصدار هذا القانون في ظل وجود القوانين والإجراءات المشار إليها، وإمكانية تفعيلها، لافتا إلى أن اللجنة الاقتصادية رأت إمكانية إصدار قانون جديد للتستر التجاري تمشيا مع توجهات الحكومة الرشيدة بعد تعديل وإضافة مواد جديدة له لضمان أنّ عائدات تطبيقه ستكون أكبر من تكلفة تطبيقه، وأن يكون أثره إيجابيا على الاقتصاد، مع ضرورة أن يتضمّن المشروع تعريفا دقيقا لمفهوم التستر التجاري، وسياسات يمكن من خلالها الحد منه.

وأبدى المكرمون الأعضاء خلال المناقشات المستفيضة لمشروع القانون، مرئياتهم وملاحظاتهم حول مواده، مبرزين أهميته كأول إطار قانوني يتناول الجوانب المتعلقة بمكافحة التجارة المستترة.

وبداية المناقشات، انصبت المداخلات حول مدى ملاءمة التوقيت والوضع الاقتصادي الحالي للسلطنة لمناقشة مشروع القانون المقدم من حيث المبدأ، ورأى عدد من المكرمين أنّ مشروع قانون التجارة المستترة قد فات أوان إصداره ولم تعد الفائدة المرجوة من اقتراحه ضرورية بعد تضمين حزمة التشريعات الاقتصادية الأخيرة الضوابط التي تنظم العمل والتجارة في السلطنة، وما شملته من مواد لازمة لمعاقبة المخالفين. ومع إبداء عدد من الأعضاء رغبتهم في رفض مشروع القانون، أوضح معالي رئيس مجلس الدولة أن النظام الأساسي يعطي للمجلس كامل الحق في مناقشة القوانين وتعديلها لكن لا يمكن رفضها من حيث المبدأ مشيرا إلى انتهاء مجلس الشورى من مناقشة القانون.

وبدءا من مسمى القانون مرورا بتعريفاته، أظهرت مداخلات الأعضاء المكرمين تفاصيل لا تحظى بالإجماع بما فيها مقترحات من المكرمين أعضاء اللجنة الاقتصادية للمجلس.

ومن أكثر المواد التي شهدت مناقشات كانت المادة الثانية وما اقترحته اللجنة الاقتصادية بالمجلس من إضافات عليها؛ حيث اعتبر عدد من الأعضاء أن البنود المقترح اضافتها تعتبر أساسا مهما لضبط وشرح موضوع التستر ووضعه في صيغة واضحة يسهل معها اعتباره حالة مخالفة، حيث بينت اللجنة الموقرة في مقترحها اعتبار المنشأة التي لا يتفرغ صاحبها العماني لإدارتها ولا يعمل بها عماني واحد أنّها تمثل تجارة مستترة، وهو ما رآى النصف الثاني من الأعضاء أنّه قد يشكل تهديدا للآلاف من أصحاب المنشآت غير القادرين على التفرّغ تماما لإدارة أعمالهم.

كما تباينت الآراء حول إضافة مادة تستثني عقود الإدارة المسجلة التي يملكها أو يشارك فيها عماني متفرغ أو يعمل بها عماني واحد على الأقل من الوقوع ضمن مسمى التجارة المستترة، وأكّدت المكرمة المهندسة نهلة اليحمدية مقررة اللجنة الاقتصادية أنّ المادتين تنظمان سوق العمل بشكل واقعي؛ حيث تشجع على التفرغ للأعمال الخاصة من جهة، وعلى تشغيل عمانيين في المشاريع الخاصة من جهة أخرى، مشيرة إلى أن أكثر من 173 نشاطا تجاريا مسجلا لا يعمل به عماني واحد، وهو ما يترجم بشكل صريح إلى تجارة مستترة، وفي حال القبول بتعديل القانون وإضافة مادة تحد من ذلك، سيكون طريقا إلى توظيف عشرات الآلاف من العمانيين أو التقليل من العمالة الوافدة التي تتحكم في جزء ليس قليلا من نشاطات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتشكل منافسة للمؤسسات التي يعمل بها مواطنون.

وعلى الجانب الآخر أوضح الأعضاء الذي قدموا مرئياتهم بالرفض أنّ إقرار مثل ذلك مقترح من شأنه أن يضيق كثيرًا من دخل شريحة كبيرة من المجتمع، مشيرين إلى أنّه من المتعارف عليه أنّ موظفي الحكومة وحتى بعض موظفي القطاع الخاص يعتمدون على عمل خاص يدر عليهم دخلا بجانب الدخل من الوظيفة، وأنّ شرط التفرغ الكامل لإدارته لن يكون عمليا، وانتهى تصويت الأعضاء برفض المقترح من اللجنة الاقتصادية.

وحظيت المادة الخامسة بمناقشة موسعة خاصة مقترح اللجنة الاقتصادية بوضع إضافة للبند (أ) من المادة والخاصة بالشركات الحكومية أو التي تمتلك فيها الحكومة 40% لتلزمها بإسناد الأعمال التي من الممكن أن تؤديها نفس المؤسسة أو الشركة الموجودة في السلطنة بدلا من إسنادها لشركات ومؤسسات أجنبية غير مقيمة. وبنهاية المناقشات توصل المجلس إلى الصيغة التي ستعمل اللجنة المشكلة على صياغتها النهائية.

ومن ناحية أخرى، اطلع المجلس على عدد من الرسائل والتقارير، منها تقرير الأمانة العامة، والتقارير الصادرة عن الأمانة العامة المساعدة لشؤون مركز المعلومات والبحوث حول عدد من الموضوعات.

تعليق عبر الفيس بوك