مرحلة المحاسبة

حمود بن علي الطوقي

 

نوّهت في تغريدة سابقة إلى الوضع الحالي مع وصول سعر برميل النفط لأقل من 50 دولارا (وقتذاك)، وذكرت أنّ هناك حاجة لتحرك سريع من قِبل الشركات الحكومية والقطاعات المعنية لتنويع الاقتصاد من خلال وضع خطة طموحة لتثبت قدرتها بالانتقال إلى مرحلة جديدة تؤهلنا لعدم اعتماد اقتصادنا على النفط كمورد وكمصدر أساسي ورئيس للدخل القومي، هذه التغريدة ألحقتها بتغريدة جديدة بعد الانهيار غير المتوقع لأسعار النفط والتي بلغت في حدها الأسوأ نحو 30 دولارا، وذلك نظرًا لاجتياح فيروس كورونا الذي استطاع أن يغير مجرى خارطة العالم الاستثمارية.

حقيقة الأمر هذه المرحلة مهمة جدا ومحورية وستضع القائمين والمسؤولين والمخططين للشأن الاقتصادي أمام اختبار مصيري، كيف سيتعاملون مع هذه الأزمة بحنكة وحكمة ودراية، وستكشف لنا هذه الأزمة مواقع القوة والضعف لدى صناع القرار الاقتصادي خاصة أنّ الوضع الآن أصبح معقدا نظرًا لصعوبة الوضع وستكون الأسئلة المطروحة محددة ولا تقبل التأويل بل إجابات محددة تفتح لنا خارطة الطريق وتحدد مسار البوصلة للمرحلة القادمة.

هل يا ترى سينجح صناع القرار الاقتصادي في هذا الامتحان ويتعاملون مع هذه الأزمة بمهنية وحرفية عالية تشخص لنا وضعنا الحقيقي، أم سيلجؤون إلى تشكيل لجان وفرق عمل وعقد ندوات وجلسات واستضافة خبراء تهربا من المسؤولية كون أن إدارة هذه الأزمة تحتاج إلى خبراء ومختصين وعلماء في مجال الإدارة والابتكار.

أعود وأقول إننا أمام أزمة اقتصادية حقيقية قد تكون الأصعب منذ خمسة عقود ماضية، ويتطلب منا جميعا أن نقف معا ونضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات ونكون أوفياء لقيادتنا الرشيدة التي يقودها جلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه.

المرحلة القادمة ستكون صعبة وسوف تدور العجلة لتصفية الشوائب من خلال التطبيق على حوكمة الأداء والمحاسبة كما حدد ذلك جلالته في خطابه الأخير عندما قال:

"إننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئ وتبني أحدث أساليبه وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها.

هذه الرؤية تحدد مسار المرحلة القادمة وتضع المسؤولين أمام اختبار واقعي هل هم حقا قادرون على التكيف مع رؤية جلالته الجادة، للتعامل مع المرحلة القادمة بكل جدية ومهنية، وهل سنرى إبداعات المسؤولين للانتقال إلى مرحلة جديدة مبنية على القدرات والإمكانيات أم سنرى إخفاقات تكشف لنا ضعف مستوى العطاء لدى هؤلاء المسؤولين، المرحلة الجديدة ستكون أكثر جدية وصرامة بكل ما تعنيه الكلمة، فقد شخّص جلالته وهو يخاطب أبناء شعبه الوضع الراهن بكل شفافية، وحدد بوضوح الملفات المترهلة والتي ينبغي التصدي لها واستغلت مناصبها وحتما ستكون فيها محاسبة المقصرين الذين استغلوا مناصبهم والثقة السامية للسلطان الراحل طيّب الله ثراه في تحقيق مكاسبهم وتعظيم ثرواتهم، وهذا لن يمر مرور الكرام على جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه، فسوف يقف معه أبناء شعبه الأوفياء في تحقيق رؤيته الطموحة من أجل أن يعود لعمان بريقها وشموخها. أبرز ما تحدّث عنه جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله عنصر الرقابة والمحاسبة، والنزاهة وهذه صفات ستحدد مسار العمل خلال المرحلة القادم .

فالترهل الإداري الذي أصاب مؤسساتنا الإدارية سيكون أحد المحطات لإعادة هيكلة هذا الجهاز الإداري، وذلك بمراجعة شاملة لعمل هذا الجهاز لدمج اختصصاته بعد أن فقد البوصلة وعمل بدون رقابة، فقد آن الأوان لوضع أولوية العمل للجهاز الإداري نحو الارتكاز على سلم الأولويات وتنقية الشوائب وتعزيز الكفاءات الوطنية لإدارة العمل في المرحلة القادمة.

بتطبيق مبدأ المحاسبة سيتضح المسؤول الكفء من المسؤول الفاشل أمام الاختبار، ويتطلب تركهم وتنازلهم عن كراسيهم وإعطاء الفرصة لمن هم أدرى وأعمق في إدارة البلاد في هذه المرحلة الوطنية المهمة.