"فايننشال تايمز": الاقتصاد الأمريكي يعتمد على فقاعات الأصول لبلوغ التعافي

ترجمة- رنا عبدالحكيم

قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن الاقتصاد الأمريكي يعتمد الآن على فقاعات الأصول من أجل البقاء، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تمر بأطول تعافي اقتصادي على الإطلاق لتسجل رقما قياسيا، رغم تراكم الدين العالمي، وانخفاض جودة الائتمان، وسنوات طويلة من أسعار الفائدة المنخفضة، والتي من شأنها  أن تدفع أسعار الأصول إلى مستويات لا يمكن تحملها.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أن إحجام المستثمرين والسياسيين ومحافظي البنوك المركزية عن قبول ذلك ليس مجرد مثال على ميل الإنسان الطبيعي إلى تأجيل التأثير السلبي. فبدلا من ذلك هو شيء أكثر رعبا وأكثر واقعية.

وفي إصدار حديث من النشرة الأسبوعية للمحلل المالي لوك جرومين، قال إن حوالي ثلثي الاقتصاد الأمريكي قائم على الإنفاق الاستهلاكي، لكن أنماط إنفاق الأشخاص لا تستند إلى دخلهم وحده، إذ يرتبط استهلاكنا الشخصي أيضًا بتوقعاتنا للثروة المحتفظ بها في الأصول مثل الأسهم والسندات. والأمر المذهل هو كيف أصبحت ثروات الولايات المتحدة تعتمد اعتمادًا تامًا على التضخم في أسعار تلك الأصول.

حسب جرومين، فإن صافي أرباح رأس المال إضافة إلى التوزيعات الخاضعة للضريبة من حسابات التقاعد الفردية تساوي 200% على أساس سنوي في نمو الإنفاق الاستهلاكي الشخصي في الولايات المتحدة.

وهذا لا يعني بالضرورة أن الأفراد يسحبون الأموال من حسابات التقاعد الخاصة بهم لشراء معقمات اليدين والمياه المعبأة في زجاجات وأقنعة الوجه على سبيل المثال. لكن جرومين يقول إن هذا يعني أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة "لا يمكن أن يرتفع بوتيرة حسابية إذا انخفضت أسعار الأصول".

ولا عجب أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس الأسبوع الماضي. وانخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 3% في ذلك اليوم. لكن الخطر الأساسي للتقاعس كان أكبر من ذلك.

إن محافظي البنوك المركزية يتمتعون بالذكاء؛ إذ يعلمون أنهم لا يستطيعون علاج الأوبئة أو الخلل السياسي من خلال التحفيز النقدي، لكن في الولايات المتحدة أكثر من أي مكان آخر، وجدوا أنفسهم في وضع لا يحسد عليه؛ حيث يديرون اقتصادا يعتمد منذ عقود، وخاصة منذ عام 2008، على أسعار الفائدة المنخفضة لرفع أسعار الأصول. وهذا بدوره جعل الأمر أقل وضوحًا للمستهلكين (والناخبين).

وفي ضوء ذلك، فإن محاولات الرئيس دونالد ترامب الخادعة لمساواة ثروات أعضاء بورصة وول ستريت مع ثروات البلد ككل تبدو منطقية نوعًا ما.

لكن الزيادات في أسعار الأسهم تمثل مبلغًا غير متناسب من ضريبة الدخل التي يدفعها أكبر 5% من شريحة أصحاب العمل، والذين يدفعون 60% من إيرادات ضريبة الدخل. ونظرًا لأهمية الزيادات في أسعار الأصول في كل من إيرادات الضرائب ونمو الناتج المحلي الإجمالي، فمن الصعب تخيل عالم لن يواصل فيه مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة إلى أجل غير مسمى.

في الحقيقة، الأمر لم يكن كذلك، ولم يتطور هذا الوضع بين عشية وضحاها، فقد قامت الولايات المتحدة ببناء اقتصاد يعتمد بشكل خطير على تذبذبات وول ستريت شيئًا فشيئًا، منذ سبعينيات القرن العشرين وما بعد ذلك، نتيجة للتغييرات السياسية التي يقودها كل من الديمقراطيين والجمهوريين.

لكن إلى متى يمكن أن إدارة اقتصادًا مدفوع بشكل غير متناسب بسبب فقاعات الأصول المالية؟ الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة قد تقدم الجواب!

تعليق عبر الفيس بوك