حرب النفط بين روسيا وأمريكا

 

 

علي بن بدر البوسعيدي

 

حالة من التوتر والقلق المزدوج ضربت العالم خلال الأيام الماضية ولا تزال تأثيراتها وتداعياتها تلقي بظلالها علينا، الأولى تفشي فيروس كورونا المستجد، والثانية الانهيار الذي تتعرض له أسعار النفط.

القلق المزدوج ناجم عن الذعر الذي ضرب الاقتصاد العالمي نتيجة لانتشار فيروس كورونا وارتفاع أعداد المصابين والضحايا إلى أرقام كبيرة، وهو ما دفع البورصات العالمية للهبوط، نضيف إلى ذلك فشل مجموعة أوبك بلس في الاتفاق على خفض جديد لإنتاج النفط لضمان رفع الأسعار، وهو ما دفع بأسعار النفط أمس إلى مستويات تقترب من 33 دولارا.

هنا الأمر لم يعد مرتبطا فقط بتداعيات كورونا، لكنّها حرب باردة من نوع آخر بين روسيا وأمريكا، إذ تريد روسيا إحباط محاولات أمريكا لتسويق نفطها الصخري، ولذا لا تعارض روسيا تراجع أسعار النفط التقليدي، لإجبار الولايات المتحدة على وقف إنتاج النفط الصخري.

وانهيار أسعار النفط يعني مزيدًا من التأزم للاقتصادات حول العالم، ونحن في عمان نتأثر بذلك كوننا جزءًا من المنظومة الاقتصادية العالمية، وذلك سيؤدي بنا إلى ضرورة الترشيد في الإنفاق قدر الإمكان خاصة إذا عرفنا أنّ رواتب موظفي الدولة تقارب 6 مليارات ريال عماني في الميزانية العامة.

كل هذه الأحداث أصابت العديد من الدول بخيبة أمل اقتصادية باستثناء أمريكا التي لم يكن الأمر بالنسبة إليها مفاجئاً، فهي ترتب وتخطط ولا تترك شيئاً للصدفة أو للظروف ومتقلبات الأحوال الاقتصادية، وقبل ستة أشهر مضت قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنّ الولايات المتحدة أصبحت منتجا كبيرا للنفط ولم تعد في حاجة للنفط من الشرق الأوسط.

هنا نحن أمام سيناريوهات قاتمة جدا للاقتصاد العالمي، فأسعار النفط تتهاوى لمستويات دنيا، والركود يضرب الاقتصادات الكبرى، والاقتصاديون حول العالم وصناع السياسات المالية غير قادرين حتى الآن على طرح الحلول الكفيلة بتجاوز الأزمة والانتقال إلى مرحلة أخرى من النمو الاقتصادي.

ولذا نحن في عمان لا بديل أمامنا سوى العمل وزيادة الإنتاجية، ومكافحة الركود بشتى الطرق، وهذا لن يتأتى سوى بتضافر الجهود، واتخاذ الحكومة لقرارات تضمن وضع آليات تحقق الاستقرار المالي والاقتصادي. ونقترح هنا ضرورة خفض أسعار الفائدة لكي يتمكن المستثمرون من اقتراض الأموال الكفيلة بإنشاء مشروعات اقتصادية توفر فرص عمل للشباب الباحثين عن العمل، وتحقق دفعة تنموية في مختلف القطاعات. كما نقترح خفض الإنفاق الجاري وتعزيز الانفاق الاستثماري والإنمائي، الذي يحقق عوائد اقتصادية على المديين المتوسط والبعيد.

إننا يجب ألا نقف مكتوفي الأيدي في ظل ما يعتصر الاقتصاد العالمي من تحديات وحروب باردة بين قوى عظمى، ومن ثم نعمل على مواجهة الأزمة بخطة عمل واضحة تشارك فيها جميع القطاعات، وعلى رأسها الحكومة والقطاع الخاص، وهما رأسا حربة التنمية، لكي ينعم وطننا بالاستقرار الاقتصادي وتتواصل مسيرة التنمية الشاملة.