الاستراتيجية الإعلامية لإدارة أزمة "كورونا"!

 

عبدالرحمن بن صالح الراسبي

** إعلامي متخصص في اتصالات الأزمات

@asaalrasbi

 

خطورة مرض كورونا على العالم لم يعد أمرا يقبل الشك أو النقاش في درجة هذه الخطورة، فانتشاره وصعوبة الحصول على لقاح لعلاجه حتى الآن يضع العالم أمام أزمة حقيقية، على المستويين الصحي والاقتصادي.

فمنذ انتشار الفيروس من إقليم ووهان بوسط الصين في ديسمبر الماضي، وحتى اللحظة الراهنة، تكافح شركات الأدوية- وتحديدا في الصين والولايات المتحدة، وبعض الدول المتقدمة في هذا المجال- لإيجاد لقاح لعلاج الفيروس، ويتزامن ذلك مع اتخاذ مختلف دول العالم التدابير والاحتياطات اللازمة لتفاديه والوقاية منه، وحسبما هو منشور في وكالات الأنباء والصحف فقد أكّدت منظمة الصحة العالمية ارتفاع مستوى خطورة انتشار فيروس كورونا إلى "مرتفع جدا"؛ حيث وصل إلى الآن قرابة 57 دولة وناهز عدد الوفيّات 2900 حالة.

العديد من وسائل الإعلام تعاملوا مع فيروس كورونا بطرق مختلفة، منهم من سعى لإثبات أنّه "مؤامرة"، ومنهم أخذ المسار الصحيح بمتابعته خبريا بكل حياد وموضوعية، ووضع خطة إعلامية للتعامل معه، ترتكز على الدقة في نشر المعلومة. ففي الصين مثلا تمّ استخدام الإعلام بالطريقة الصحيحة إلى جانب الخطة الإدراية، مع إيضاح المعلومات أولا بأول، كما اتخذت السلطات هناك إجراءات احترازية بشأنها، وعملت على تقليص الإصابة به وانتشاره دون المتوقع.

الإحصائيات الأخيرة تشير إلى أنّ المرض انتشر في دول عدة ومنها مؤخرا إيران التي لم تفصح عن المرض حسب وسائل الإعلام المختلفة إلا مؤخرا، ولم تستخدم الإعلام لتوجيه وتنبيه المواطنين لتجنب المرض والابتعاد عن مواقع معرضة للفيروس، خشية من إثارة الذعر، مما تسبب في انتشاره وانتقاله لدول مجاورة ومنها دول الخليج التي أعلنت عن إصابة حالات كانت قادمة من إيران ومنها حالات في السلطنة.

في هذه السطور، أود أن أسلط الضوء على الدور الإعلامي المصاحب لإدارة فيروس كورونا؛ حيث إنّه إذا انعدم التوجيه والنشر الإعلامي المباشر والممنهج سيمثل ذلك تحديا إضافيا على مؤسسات الدولة وعلى المواطن أيضًا، فالدور الكبير والأهم هو مدى استعداد المواطنين واستجابتهم للتعليمات، لأنّهم هم من يُسهمون بشكل كبير في الوقاية منه عند فهمهم لمدى خطورته وطرق الوقاية منه، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الدور الإعلامي المصاحب لإدارة هذه الحالة.

ولذا من الأهميّة بمكان تشكيل فريق إدارة أزمة لمرض كورونا، على أن يضم فريقا إعلاميا مؤلفا من عدد من الجهات، مهمتها متابعة تحرك الفيروس في كافة الدول ثم إعداد التقارير للفريق الرئيسي والذي بدوره يقوم بتحديد النتائج التي تمّ التوصل إليها ثمّ نشرها للمجتمع لتصل المعلومة بدقة ووضوح وسرعة، وهو ما سيسهم في تحجيم خطر المرض ومنع انتشاره. وهنا في تلك المرحلة، يتعين على الفريق الإعلامي وضع خطة إعلامية واضحة مشتملة على كافة الجوانب من تنبيهات وتعليمات يجب اتباعها وخطوات يتم العمل معها لتجنب الإصابة بالمرض. ومن المهم في مثل هذه الحالة نشر الأعداد التي أصيبت بالمرض والإجراءات التي تم اتخاذها، وكذلك الأماكن التي يمكن أو يشتبه بوجود الفيروس فيها لتجنبه، إضافة إلى الطرق الصحيحية التي يجب ممارستها يوميا من تغذية ورياضة وتعرض للشمس، وعدم تهييج المجتمع بل توجيهه توجيها صحيحا دون خوف أو ذعر من المرض.

إنّ الدور الإعلامي مهم وكبير ومن الضروري استخدامه الاستخدام الأمثل لأنّ بنجاحه سيتم تجاوز هذا الوضع، كما تمّ في الظواهر الطبيعية السابقة عندما تم استخدام الإعلام استخداما سريعا وصحيحا، وأطلق على موقع تويتر هاشتاج "عمان مستعدة"، ومن ثمّ أصبح المواطن على إطلاع مباشر بكافة التعليمات وهو بدوره ساهم في إدارة الأزمة بشكل صحيح. وهنا اقتبس مقولة تيموثي كومبس وهو متخصص في إدارة الأزمات: "الصمت سلبي للغاية".

إذن ومن خلال هذا المقال نطلب من الجهات المعنية تكثيف الحملة الإعلامية وإدارتها بشكل صحيح لتفادي انتشار الفيروس، كما ننصح كافة المؤسسات استخدام الاتصال الداخلي بشكل سريع لتنبيه الموظفين ووقايتهم وإجراء خطوات احترازية لمنع وصول الفيروس بينهم..

نسال الله السلامة للجميع.

تعليق عبر الفيس بوك