طالب المقبالي
عندما تعقد الأمم المتحدة جلسة تأبين في مقرها بنيويورك لتأبين شخصية من الشخصيات فإنّها لا تعقد مثل هذه الجلسات إلا لشخصية مرموقة ولها دور فاعل في العالم بأسره.
فجلسة التأبين التي عقدتها الأمم المتحدة للمغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- لم تأت من فراغ، وإنما جاءت نتيجة تقدير الأمم المتحدة لشخص جلالته -رحمه الله- وما قدمه لعمان وللعالم.
وقد تحدّث في مراسم التأبين كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الجمعية العامة، تيجاني محمد باندي، وسفير عُمان لدى الأمم المتحدة، إضافة إلى ممثلين عن الدول الأعضاء، وقد تعاقب المتحدثون في مراسم التأبين والتي شملت ممثل المجموعة الأفريقية، وممثل مجموعة آسيا والمحيط الهادئ، وممثل مجموعة الدول اللاتينية ومنطقة الكاريبي، وممثل دول شرق أوربا، وممثل مجموعة غرب أوربا، وممثل أمريكا الشمالية، وممثل المجموعة العربية، واختتمها سعادة الدكتور محمد بن عوض الحسان ممثل السلطنة، المندوب الدائم للسلطنة لدى هيئة الأمم المتحدة في نيويورك. كما وقف الحضور دقيقة صمت حداداً على روح جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه.
لم أتمالك مشاعري حين أشاهد الأمم المتحدة بأسرها تقف دقيقة صمت حداداً على روح جلالته فأجهشت بالبكاء من عظمة الموقف؛ فالسلطان الراحل -رحمه الله- كان شخصية مؤثرة لدى الأمم المتحدة وكان يُحظى باحترام الجميع.
وذكر موقع الأمم المتحدة أنّ مراسم تأبين السلطان قابوس بن سعيد في الأمم المتحدة تؤكد التزام الجمعية العامة للأمم المتحدة الثابت بدعم جهود سلطنة عُمان المستمرة في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
ومن خلال متابعتي للخطابات التي ألقاها أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة وبقية المتحدثين فإنّ جميع الخطابات كانت تسرد مناقب جلالة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- لما حققه من إنجازات عظيمة خلال الخمسين سنة من حكمه، وما قدّمه للعالم من خلال جوائز السلطان قابوس في العديد من المجالات وأهمّها جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، وجائزة السلطان قابوس لحماية البيئة نموذج عالمي لمواقف السلطنة المشهودة بها في خدمة قضايا البيئة والتنمية، وكذلك كراسي السلطان قابوس في مختلف العلوم، ومنها كرسي السلطان قابوس للدراسات العربية والإسلامية واللغة العربية والاستزراع الصحراوي والهندسة والتكنولوجيا والعلاقات الدولية وتقنية المعلومات وكرسي زمالة سلطان عمان الدولية في مجال الأدب والعلوم الاجتماعية والدراسات الشرقية وكرسي السلطان قابوس للديانات الإبراهيمية والقيم المشتركة.
هنا أود تسليط الضوء على خطاب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي استهله بالإعراب عن خالص تعازيه للعائلة المالكة ولعمان حكومة وشعباً لوفاة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله، وقال الأمين العام: لقد قاد السلطان قابوس عُمان زهاء نصف القرن وحوّلها لبلد متميز اليوم، وطوال حكمه كسب صاحب الجلالة احترام شعبه وشعوب العالم، وأعطى الأولوية للتعاون وتعددية الأطراف، وقاد عُمان للانضمام للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، وبفضل قيادته والتزامه فإنّه عمل على جعل عمان عضواً مسؤولاً ونشطا في الأسرة الدولية، وظلت عُمان تحت حكمه محصنةً من التوترات والاضطرابات في المنطقة، وفعلا اعتبر رسول سلام وتفاهم وتعايش خارج حدود بلاده، ولطالما أدت عُمان دوراً محورياً لضمان بقاء خطوط الاتصال مفتوحة بين الأطراف المتناحرة.
هذه الجزئية من خطاب الأمين العام للأمم المتحدة اختصرت ما تضمنته الخطابات التي أعقبته لممثلي القارات الخمس للأمم المتحدة.
المؤكد أنّ مناقب جلالته -رحمة الله عليه- لا تستوعبه الخطابات ولا الكتب، فمناقب جلالته سيرة تكتب وتدرس في دور العلم والجامعات والمراكز العلمية والثقافية وتلقى في المنابر.
muqbali@gmail.com