المدرسة القابوسية المتميزة

حمود بن علي الطوقي

لم ولن تتمكَّن السنوات المقبلة أن تُنسينا نحن كشعب عُمان تربَّى تحت كنف شخصية صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- فعلى مدار الخمسة عقود الماضية ارتبط العُماني بهذه الشخصية الخالدة حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياته.

فشخصية جلالته -طيب الله ثراه- راسخة في أذهان العُمانيين؛ فقد تميَّز وتفرَّد في شخصيته حتى أصبح قدوة لكل الشعب العماني والشعوب المُحِبَّة للسلام؛ فالكاريزما التي كان يتمتع بها جلالة السلطان -طيب الله ثراه- ليس لها مثيل؛ فكل شيء في حياته وحتى مماته متميز؛ فابتسامته مميزة، وطريقة ضحكاته مميزة، وعندما يمشي فمشيته مميزة، وعندما يتحدث فحديث مميز، وعندما يستقبل ضيوفه فبروتوكوله مميز، وعندما يفترش الأرض ويجلس مع أبناء شعبه فطريقة جلوسه مميزة.

وعندما يلبس زيَّه العسكري تجد شخصيته العسكرية مميزة، وعندما يقود سيارته ويلوِّح بيده لأبناء شعبه مُسلِّما عليهم فسلامه مميز، وعندما يتحدَّث في جولاته السنوية ويخاطب شعبه فحديثه مميز، وأسلوبه في طرح المواضيع مميز، كل شيء في شخصية جلالة السلطان -رحمه الله – مميز. ولو سخرنا أقلامنا لنعدد مناقب جلالته -رحمه الله- لتطلب منا حتى نوفِّي حقه مجلدات، نعم هذه هي الحقيقة، والحقيقة التي تقبلناها بقلوب ملؤها الحزن أنَّ والدنا وقائدنا انتقل إلى جوار ربه وقد أدى واجباته طوال خمسين عاما.

"إنَّ الكلمات لتعجز والعبارات لتقصر عن أن نُؤبن سلطانًا عظيمًا مثله".. هكذا قال مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في أول خطاب له للشعب فور تقلده وتسلمه مقاليد الحكم، أنه سوف يسير على نهج جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- وقال جلالته: "إنَّ عزاءنا الوحيد، وخير ما نخلِّد به إنجازاته هو السير على نهجه القويم، والتأسي بخُطاه النيرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المستقبل، والحفاظ على ما أنجزه والبناء عليه، هذا ما نحن عازمون -بإذن الله وعونه وتوفيقه- على السير فيه والبناء عليه، لترقى عُمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها، وسهر على تحقيقها؛ فكتب الله له النجاح والتوفيق".

نعم.. هذا النهج الذي رَسَمه سيِّد عُمان طوال نصف قرن من الزمن، سيظل خالدا، وعلينا كعمانيين أن نقف مع سلطاننا الجديد، ونُكمل المسيرة المظفرة ونضع في الاعتبار أنَّ الإنجازات التي تحققت عظيمة، والواجب علينا أن نحافظ على ما تحقق ونجتهد في أن نُنجز ونرفد بلادنا، ليظل اسم عمان متميزا كما كان.

وكمواطن يودُّ أن يتعرَّف على المزيد من الشخصية الفذة لوالدنا وقائدنا ومعلمنا، نتمنى ومن خلال برنامج تليفزيوني أن يخصص حلقات عن سيرته المظفرة، ونتعرف على جوانب من شخصيته، ونتمنى أن نستمع لشهادات من شخصيات كانت قريبة منه كصاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد، الذي رافق جلالته طوال الخمسة عقود، وصاحب السمو السيد أسعد بن طارق، وأخيه صاحب السمو السيد شهاب بن طارق، ومعالي السيد خالد بن هلال البوسعيدي، ومعالي الفريق سلطان بن محمد النعماني، ومعالي عبدالعزيز الرواس، ومعالي يوسف بن علوي...وغيرهم ممن كانوا قريبين من جلالته.

هذه الشهادات مُهمَّة للأجيال وللأمة لكي تتعرف على شخصية بَنَت عُمان حجرًا حجرًا.

رحم الله جلالة السلطان المعظم، وطيَّب ثراه، وأسكنه فسيح جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. وحفظ الله مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وألبسه ثوب الصحة والعافية والعمر المديد.