انتقال السلطة في الأكاديمية القابوسيّة

 

سعيد بن هلال الحراصي

 

يعد الفكر السياسي الأستراتيجي لجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم فكرا امتزج فيه الفكر الإسلامي مع التاريخ والتراث العماني الأصيل والخصوصية العمانية في انتقال السلطة منذ قدم التاريخ في عمان، فقد اقتفى جلالته آثار الأئمة والسلاطين في اختيار السلطان الأكفأ والأكثر علما ودراية في إدارة أمور الدولة والشأن العماني وهذا ما اتضح جليا في وصية جلالته لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم- حفظه الله ورعاه- منذ فترة زمنية ليست بالقصيرة وهذا ما أشارت له الوصية أو رسالة جلالة السلطان قابوس المعظم للعائلة المالكة الكريمة بأنه توسم فيه الكفاءة والسمات الحسنة التي تؤهله لحمل أمانة منصب السلطان وهذا يفهم ضمنيا من خلال إسناد أهم الملفات الاقتصادية المتمثلة في رؤية عمان ٢٠٤٠ التي تعتبر الرؤية الاقتصادية الهامة في التنمية المستدامة وهي حجر الزاوية في الازدهار الاقتصادي في عمان والتي يأتي فيها الإنسان العماني المحور الهام في التنمية المستدامة مواكبا ازدهار الاقتصاد العماني في هذه الرؤية وهذا سوف يتضح مرحليا من خلال المؤشرات  الصادرة من المؤسسات الاقتصادية العالمية عن عمان.

الفهم الواسع لجلالة السلطان قابوس- رحمه الله- للخارطة السياسية والمشهد السياسي في المنطقة والتحديات الجيوسياسية اقترن مع الأهمية الاستراتيجية في الإسراع باتخاذ القرار الهام في انتقال السلطة حتى لا يصل الأمر إلى درجة الخلاف والشقاق والنزاع وهذا ما وضح جليا في السياق اللغوي في الوصية والاستشاد بالآيات القرآنية المأثورة.

وهذا الاهتمام الكبير في أدق التفاصيل من جلالته- طيب الله ثراه- حتى بعد وفاته نابع من العمق الكبير في الفكر السياسي لجلالة السلطان قابوس المعظم – طيَّب الله ثراه - الذي امتاز به باكرا في قراءة الأحداث والتحديات ومعرفة النتائج وهذا لا يتأتى إلا من خلال تراكم الخبرات وسمو في الفكر والتفكير والمعرفة الواسعة بالأحداث.

لقد امتاز الفكر الاستراتيجي لجلالته في انتقال السلطة في البنود التشريعية الخاصة بالنظام الأساسي للدولة في المادة السادسة والمنبثقة من الهوية العمانية والتي تضمن الانتقال السلس في السلطة مما يعطي الأمن والاطمئنان للمواطن العماني والأمان السياسي لعُمان.

هذا الفكر الاستراتيجي لجلالته أصبح أهم المواصفات والمعايير في الأكاديمية القابوسية التي تختص بالقيادة والإدارة الحكيمة التي علمت العالم درسا عمانيا بامتياز في كيفية إدارة الأمور في الأزمات السياسية وفي كيفية انتقال السلطة بعيدا عن الضجيج والتدخلات الخارجية وهذا واضح وجلي في الإدارة الحكيمة لمجلس الدفاع بقيادة الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني ورئيس مجلس الدفاع بالإنابة؛ هذه الشخصية القيادية الأمنية الحكيمة الرائعة في إدارتها والدبلوماسية في نهجها التي تعتبر أحد مخرجات الأكاديمية القابوسية التي امتازت بالحكمة في الإدارة وبالفكر الخلاق في وضع الرؤى والاستراتيجيات وفي صنع واتخاذ القرار بالشكل المتوازن وهو انعكاس إيجابي لشخصية جلالته في جميع أعضاء مجلس الدفاع الذين جُلَّهم من مخرجات هذه الأكاديمية الفكرية والسياسية التي تفوقت على الأكاديميات العالمية بمواصفاتها المقننة وفق المعايير الدولية مع الاحتفاظ بالخصوصية العمانية للتراث الحضاري والسياسي لعُمان مما أوجد الثقة الكبيرة والتلاحم بين مجلس الدفاع ومجلس العائلة المالكة الكريمة والمواطنون الأعزاء الأوفياء.

وفي الأخير.. أسأل المولى- عزَّ وجلَّ- أن يتغمد جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم سلطان الحكمة والصداقة والسلام والمحبة بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جناته وأن يحفظ عمان ويحفظ جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور المعظم سلطان عمان ويحفظ شعب عُمان العظيم إنه سميع مجيب الدعاء.

تعليق عبر الفيس بوك