طالب المقبالي
جُملة يتداولها أبناء عُمان الأوفياء عبر وسائل التواصل المختلفة منذ الإعلان عن وفاة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيَّب الله ثراه، فاخترتها عُنواناً لمقالي هذا الذي عجزت فيه عن لملمة الكلمات المتبعثرة.
فلعلِّي هنا اليوم أسترجع بعضاً من كلمات جلالته -رحمه الله- في خطاباته السامية على مدى الخمسين عاماً من حكمه؛ فقد كانت كلماته حكمًا ودروسًا رسمت لعمان وللشعب العماني خارطة الطريق التي تسير عليها هذه البلاد حتى بعد رحيله.
ومن أهم وأبرز الكلمات: "كان بالأمس ظلام، ولكن بعون الله غداً سيشرق الفجر على عُمان وعلى أهلها". وكانت هذه الكلمات السامية هي الوعد الصادق الذي أوفى جلالته -رحمه الله- بوعده؛ فقد أشرق الفجر الجديد في عهده، وقد تحولت البلاد من بلد يفتقر إلى جميع مقومات العيش، من صحة وتعليم وطرق وكهرباء ووسائل اتصال. كما كانت عُمان معزولة عن العالم ولا يعرفها أحد حتى العام 1970؛ فشهدت بعد توليه طفرةً عمرانية رهيبة، وقد أولى جلالته جل اهتمامه بالتعليم وبناء الإنسان العماني.
وصدق جلالته حين قال: "التعليم يجب ألا يبقي وسيلة لتثقيف الفرد فقط، بل يجب أن يعنى أيضا بتكوين شخصيته حتى تلعب عُمان دوراً مهما في الشؤون العالمية".. فجلالته -رحمه الله- قاد عُمان من العدم حتى وصل بها إلى مصاف الدول المتقدمة، ونستذكر هنا قول جلالته -رحمه الله: "عمان اليوم غيرها بالأمس؛ فقد تبدل وجهها الشاحب، ونفضت عنها غبار العزلة والجمود، وانطلقت تفتح أبوابها ونوافذها للنور الجديد".
بالفعل؛ فإنَّ عُمان اليوم لم تعُد كعمان الأمس، وقد شهد العالم أجمع بأن جلالة السلطان قد حكم عُمان نصف قرن من الزمان بكل اقتدار، وقد حقَّق لعمان ولشعبها في وقت قصير ما لم تحققه دول في قرون.
ويشهد العالم أجمع بأن جلالته كان من خيرة حكام العرب؛ حيث نأى بعمان عن الصراعات التي تدور في الوطن العربي، وبحكمته المعهودة لم تشارك عُمان في حرب ضد أية دولة، ولم يسفك أي دم.
وعندما تحمل عُمان السلاح، فإنها تحمله دفاعاً عن العقيدة والوطن والكرامة، كما قال جلالته: "إننا نحمل السلاح دفاعاً عن العقيدة والوطن والكرامة.. ونمد أيدينا للسلاح حرصاً على الوئام وحسن الجوار ورابطة الدم".
وهنا درسٌ قابوسيٌّ يؤكد على ذلك؛ حين قال جلالته -رحمه الله: "إن السلام مذهب آمنا به، ومطلب نسعى إليه دون تفريط أو إفراط". فرغم صبره وتحمله وتضحيته، إلا أنه هو الذي يشد من أزر الشعب وما عاناه.. فقال جلالته -رحمه الله: "يا أبناء عُمان، لقد صبرتم وصابرتم، وواجهتم التحديات، وذللتم العقبات؛ فرعى الله مسيرتكم وكتب لكم السداد والتوفيق".
إنَّ الدروس القابوسية لا يُمكن أن يحتويها مقال بسيط كهذا، ولكن الواقع يتحدث على الأرض، والعالم أجمع يشهد على ذلك؛ فالمسيرة القابوسية ماضية، والخليفة من تلك الشجرة المباركة.
والشعب على قناعة تامة في الاختيار الحسن لجلالته في من يكون خليفة له بعد موته؛ من خلال الوصية التي تركها جلالته، والتي تمَّ من خلالها الإعلان عن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطاناً لعُمان؛ فكان خير خلف لخير سلف؛ فجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد المعظم -حفظه الله- شخصية معروفة ومحبوبة من قبل جميع أفراد الشعب.
فعمان ماضية بثبات من بعدك يا قابوس، فهي بأيدٍ أمينة.