الوعي الصحي في مجتمعنا

علي بن بدر البوسعيدي

تلقيتُ، قبل أيام، دعوة كريمة من الأخوة في بيت الخنجي، لحضور مجلسهم الذي خصَّصوه هذه المرة لمحاضرة صحيَّة قيِّمة، حاضر فيها اثنان من أمهر كفاءاتنا الطبية الوطنية، قدَّموا فيها العديد من المعلومات الثرية والنصائح المهمة التي يغفلها الكثير منا اليوم، بل وقد نفعل عكسها بدون وعي.. وسأذكر هنا نقطتين فقط لضيق المقام.

الطبيبان تطرَّقا خلال المحاضرة إلى الطريقة الخاطئة التي يتبعها الكثير منا بمجرد ظهور أي عرض مرضي عليهم أو على أحد من ذويهم، وهي استسهال الذهاب للصيدلية لصرف الأدوية وتعاطيها بشكل عشوائي دون استشارة طبيب مُختص، وأكدا على ما لهذه الطريقة من آثار سلبية تظهر مخاطرها على المدى البعيد، وذَكَرا على سبيل المثال: الدواء الأكثر مبيعاً في بلادنا "البنادول" ومشتقاته، والذي يُباع حتى في المحلات بعبوات ذات ألوان مختلفة؛ والمعلومات الضرورية الواجب على الأشخاص معرفتها بخصوص كل نوع ولون، ومتى يؤخذ ولأي سبب، والخصائص الدوائية، خصوصا وأن لكل منها أغراض طبية في العلاج يجهلها الكثير، وتوصلوا في هذه النقطة إلى ضرورة تكثيف الحملات التوعوية بهذه الأدوية الأكثر تداولاً والسهلة الحصول عليها؛ تفاديًا لما من الممكن أن يترتب على سوء استخدامها من أضرار.

وأنا حقيقة أتفق كثيرًا مع هذه النقطة: نشر الثقافة الصحية، كمطلب ضروري ومهم للغاية؛ كي لا يقع الإنسان ضحية استخدام مفرط أو خاطئ لمثل هذه الأدوية، والتي قد تفاقم من أعراض بسيطة يشعر بها فتؤدي لمشاكل صحية أخطر لا قدر الله.. وبالمناسبة، ولله الحمد والمنة، اليوم المراكز الطبية منتشرة في ربوع بلادنا الحبيبة، والجميع لديه القدرة على مراجعتها في أي وقت يشاء؛ للحصول على الاستشارة المناسبة لما يشكو منه، ليتم صَرْف الأدوية المناسبة لحالته دون أية عوارض.

النقطة الثانية التي تم التطرق إليها، كانت حقيقة مبعث فخر لجميع الحضور، حيث استعرضا التطور الهائل الذي يشهده قطاعنا الصحي منذ إشراقة فجر النهضة المباركة خلف القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- وحجم النجاحات والإنجازات الطبية التي أثبتت كفاءة عالية، وذلك كمدخل للحديث بتفصيل أكثر عن النظام الصحي الفاعل "الكيتو"، أو النظام قليل الكربوهيدرات والمعتمد بشكل أساسي على الدهون الصحية والامتناع  النهائي عن الأرز والخبز بأنواعه والسكر... وغيرها، والتركيز على الدهون الصحية واللحوم والأسماك وباقي البروتينات.. والنسبة التي أطلعونا عليها بخصوص انتهاج الكثير من الشباب لهذا النظام الجيد، هي في رأيي نقطة إيجابية تدلل بشكل آخر على حجم الوعي الذي بدأ ينضج ولله الحمد في بلادنا، بفضل مستويات التعليم الأساسي والعالي المتميز، ووسائل الإعلام المتعددة ذات الطرح المسؤول، والحملات التي تقودها باقتدار وزارة الصحة، والكثير من الجهود التي تعتني بالإنسان العُماني باعتباره الغاية والهدف.. ومن يُريد أن يعرف كيف كُنا وإلى أين وصلنا اليوم، فعليه بسؤال الأجداد والشياب عن الخدمات الصحية قبل السبعين والآن.

وفي الأخير.. كلمة شكر لمجلس بيت الخنجي والقائمين عليه؛ لمثل هذه الجهود الخيِّرة في رفع مستويات التوعية بين المواطنين، ليس فقط في الجانب الصحي، وإنما حقيقة المجلس يُقدم المجلس خدمات جليلة على أكثر من مستوى.. فلكم منا كل التحية.