السوبر الإسباني بـ "جدة".. نموذج للسياحة الرياضية

 

حسين بن علي الغافري

 

 

بعد أيام قليلة ستنطلق بطولة كأس السوبر الإسباني في جدة عروس البحر الأحمر المتوسط بالمملكة العربية السعودية لأول مرة وباستثمار رياضي سيمنح الطرفين (المملكة واتحاد القدم الإسباني) فرصة الاستفادة والتسويق في جوانب مختلفة. فالبطولة فرصة مناسبة للأندية الإسبانية للمشاركة في تعزيز حضورها بالشرق الأوسط وتعزيز سوقها التجاري بمنطقة الخليج بشكل خاص. وفي الجانب الآخر، فرصة مناسبة للمملكة في انتداب كبار القارة العجوز وتعزيز الحركة الرياضية والسياحية والاقتصادية من خلال استضافات نوعية وبصيغة رسمية بعيدًا عن اللقاءات الودية والتحضيرية. ولأول مرة كذلك ستلعب البطولة بمشاركة أربعة أندية وهي سابقة كما ذكرنا لها ما لها وعليها ما عليها. فمع متابعتنا السابقة حول التردد في الموافقة الإسبانية للأندية على نظام البطولة الجديد إلا أنّ لغة المال والكسب فرضت نفسها واقعا؛ ليكون العائد المادي فوق الممتاز مغرٍ، ومعه تغيّرت البطولة كليا. وبما أن الجميع وافق بأغلبية على هذا المقترح على أن تلعب خارج إسبانيا كما جاءت العادة في المواسم الأخيرة، ولحقت بطولة الكالتشيو كذلك واحتضنتها جدة وقبل ذلك الصين.

هذه المرة ستكون المملكة من سيحتضن كبار القارة العجوز وصاحبي الشعبية الأكبر برشلونة وريال مدريد فضلا عن فالنسيا وأتلتيكو مدريد.

 

(2)

إنّ استضافة المملكة لهذا الحدث الكروي الهام إيجابي من نواحٍ مختلفة، قبل الاستمتاع برؤية ميسي وبرشلونة، وهازارد وزملاؤه في القلعة الملكية. هي فرصة لتحويل أنظار العالم إلى المملكة ومحفز إلى مضاعفة خيارات البحث عنها في مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث عبر الشبكة المعلوماتية في الإنترنت حول ما تملكه من مقومات طبيعية وسياحية وغيرها.

إذًا هي فرصة مثالية تدفع عجلة الترويج السياحي وتعزيز السياحة الرياضة بدرجة أكبر. كما أنّ المملكة قادرة على هذا النوع من الأحداث لجودة ملاعبها وسعتها الكبيرة، ولا ننسى عشق الجمهور السعودي لكرة القدم وحرارة المنافسة بين في البطولة المحلية المحبة لكرة القدم والديربيات الممتعة والتي تعد الأقوى في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا دون مبالغة. كلها عوامل مترابطة تكمل بعضها وتصنع نجاح مرتقب نفتخر فيه لإشقائنا بالمملكة.

(3)

.. ومع أنّ البطولة ستلعب بمشاركة أربعة أندية إلا أنّها ستكون مثيرة؛ لحجم وقوة الأسماء التي ستشارك، فجميعها تحظى بدرجة عالية من جودة الأسماء والتمرّس في المنافسات الثنائية، أي أنّ كل الأندية تعي الآخر وتستوعب قدراته، خصوصا أنّ الفترة الأخيرة بالليغا كشفت عن تباين في المستويات وتقارب في النقاط بالدوري الإسباني. برشلونة على سبيل المثال ليس في أفضل أحواله، ولا حتى ريال مدريد؛ لذلك ومع نزيف النقاط الكبير خصوصا مع العملاقين إلا أنّ كرسي الصدارة لازال مشتركا وضبابيا، ولم تمنحنا البطولة هذا العام انطباعا عن أفضلية لطرف دون آخر كما جرت العادة في الأعوام الماضية.

 

 

(4)

إجمالا، إنّ التفكير في الترويج والاستثمار الرياضي بات لا غنى عنه، ونشاطا أصيلا يستوجب الأخذ به في السياحة لأي بلد تنشد تنمية السياحة وجذب أعين العالم لها، كما أنّها -أي السياحة الرياضية- مصدر دخل فاعل في دفع عجلة النمو وخلق تنويع إقتصادي ناجح. وقد أصبحت السياحة الرياضية ركيزة أساسية صناعة تكاملية سياحية مع المنشآت وتهيئة المواقع والترويج. لذلك من الحكمة أن يُنظر لهذا الجانب قبل وزارة السياحة وبالتنسيق مع وزارة الشؤون الرياضية والاتحادات الرياضية في تحقيق تكامل وبناء تعاون مشترك في استضافات عالمية والوقوف على الإمكانيات والمنشآت المتاحة وتطويرها؛ لمواكبة التطور الخليجي على أقل تقدير.