"فورين بوليسي": بيلاروسيا تتعاون مع الصين وأمريكا هربا من النفوذ الروسي

 

ترجمة- رنا عبدالحكيم

يسعى ألكساندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا، بتصعيد العمل الجيوسياسي الرفيع الذي كان يديره مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال دعوة الصين والولايات المتحدة لممارسة النفوذ في بلاده كوسيلة لمنع الاتحاد السياسي مع الكرملين.

ومن المتوقع أن يتعمق التواصل مع لوكاشينكو عقب زيارة مقررة إلى مينسك من قبل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو، والتي تأخرت مؤخرًا بسبب تصاعد التوترات في العراق.

وقال فلاديمير ماكي وزير خارجية بيلاروسيا، في مقابلة مع مجلة فورين بوليسي: "لن نقطع علاقاتنا مع روسيا، فهم جيراننا وأكبر شريك اقتصادي، لكن التخلي عن سيادتنا واستقلالنا أمر غير وارد". وأضاف "يوجد بالفعل ثلاثة أو أربعة أجيال من الأشخاص المولودين في دولة بيلاروسيا المستقلة الجديدة، ولن يوافقوا أبدًا على التخلي عن أي استقلال".

تكتيك لوكاشينكو الجديد هو رد فعل للضغط المتزايد من موسكو وتزايد المشاعر العامة في بيلاروسيا. ففي أواخر العام الماضي، شهدت العاصمة، مينسك، احتجاجات نادرة ضد الاندماج مع روسيا؛ حيث كان المتظاهرون يحملون لافتات مكتوب عليها "القرم أولا، ثم بيلاروسيا" و"أوقفوا الضم"! وتزامنت الاحتجاجات مع المحادثات التي عقدت في سانت بطرسبرج بين لوكاشينكو وبوتين، والتي انتهت، مثلها مثل الجلسات الأخرى التي عقدت في ديسمبر 2019، في طريق مسدود.

لكن الإحباط المتزايد بين الجانبين واضح؛ إذ ربط بوتين مؤخرًا تخفيضات إضافية في الطاقة لبيلاروسيا بشرط أن تتقدم محادثات الاندماج، بينما حذر لوكاشينكو خلال مقابلة من أن أي محاولة لإجبار بيلاروسيا على أن تصبح جزءًا من روسيا يمكن أن تؤدي إلى حرب مع الغرب.

وفي مواجهة هذا التحدي المتنامي، أدخل الزعيم البيلاروسي متغيرات جديدة في صيغته المجربة للتحوط الاستراتيجي وفي هذه العملية حولت بيلاروسيا إلى جبهة مهمة وسط تنافسات متزايدة وتنافس متزايد بين روسيا والولايات المتحدة والصين.

وبرزت بكين كقوة سياسية واقتصادية متنامية، مع وضع بيلاروسيا نفسها كقاعدة انطلاق مهمة على عتبة الاتحاد الأوروبي لمبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الزعيم الصيني شي جين بينغ. وأصبحت الصين راعياً متنامياً لبيلاروسيا، وفتحت خط ائتمان بقيمة 15 مليار دولار لبنك التنمية في بيلاروسيا، وقدمت قرضًا بقيمة 500 مليون دولار الشهر الماضي بعد تعليق قرض مماثل من موسكو وسط محادثات الاندماج. وبدأت العلاقات مع الولايات المتحدة في التحسن. ففي أغسطس، قام مستشار الأمن القومي آنذاك جون بولتون بزيارة بيلاروسيا، وفي سبتمبر، أعلنت واشنطن ومينسك أنهما ستتبادلان السفراء بعد توقف العلاقات الدبلوماسية بينهما.

وتعد زيارة بومبيو لمينسك جزءًا من جولة واسعة ستأخذه إلى أوكرانيا وكازاخستان وأوزبكستان وقبرص. في حين أن اهتمام واشنطن في بيلاروسيا ينطلق من نواح كثيرة، حيث يركز على إعادة بناء العلاقات، وقد تجنب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كثير من الأحيان الإساءة إلى بوتين. ومثل العديد من الدول السوفيتية السابقة التي ستتم زيارتها، تركز الولايات المتحدة على نوايا موسكو تجاه مينسك، وكذلك على كبح نفوذ الصين المتزايد في البلاد- وفي أماكن أخرى عبر الاتحاد السوفيتي السابق- منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.

وتحرص واشنطن على إعادة تنشيط العلاقات مع مينسك ودعم بيلاروسيا في مواجهة الضغوط الروسية، ولا يزال المستثمرون الغربيون يشعرون بالقلق إزاء المناخ الاقتصادي في البلاد. ودفع ذلك لوكاشينكو إلى الاعتماد على الصين لتقليل اعتماده المالي على روسيا. وبخلاف واشنطن، لا تطالب بكين أيضًا بتخفيف القمع في الداخل أو التخلي عن السيطرة على بعض الكيانات المملوكة للدولة، كما دعت موسكو.

وفي السنوات الأخيرة، مولت الصين بناء طرق جديدة ومصانع، وفندق فاخر في مينسك، وخطوط السكك الحديدية مع أوروبا، ومجمع صناعي مترامي الأطراف على مساحة 28000 فدان في ضواحي العاصمة والتي استقطبت بالفعل أكثر من مليار دولار من الاستثمارات من 56 شركة أجنبية، بما في ذلك التكنولوجيا ذات الوزن الثقيل الصينية مثل هواوي.

وقال ألكساندر أليسين الصحفي المستقل والمراقب العسكري البارز في مينسك: "موسكو ليست راضية عن تحول الصين إلى ثقل موازن ضد روسيا". وأضاف "لكن موسكو تسعى أيضًا إلى إقامة علاقات أقوى مع بكين، لذلك في الوقت الحالي، يضبط الكرملين تصريحاته".

تعليق عبر الفيس بوك