عام مضى وانتهى

 

حسان عمر ملكاوي

 

أكتب برحيل العام، ولا أعرف إن كان بالعمر بقية، أم سأرحل أنا والعام سوية، وما بين عام يغيب وعام يشرق وأحداث طويت وأحزان أوجعت وأفراح عمت، ونجاحات تحققت، وإخفاقات حصلت، وأخطاء ارتكبت، وارتقاءت برزت، وسقوط وإسقاطات من مرتفعات إلى منحدرات، وأشخاص أسعدنا وجودهم، وآخرين آلمنا غيابهم.

وما بين هذه المفارقات أو التناقضات تستمر الأعوام، لأنها أرقام  ليس أكثر، لكننا نحن من نكتب فصولها وأحداثها ونحن من نغير أو نتغير، لأنّ العنصر البشري هو القاسم المشترك لكل الأعوام والسنوات وأنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ومع كل هذه المقدمة أجد أنه ليس من الأولى أن يتباكى العالم على الماضي، ولكن المهم أن نتعظ منه ونعالج أخطاءه، ونعرف كيف نعيش الحاضر ونستشرف المستقبل، وأن نحدد أين نحن، وماذا نريد وكيف ننهض ونعالج، وكيف نخطط ووننفذ وكيف نبني على نجاحنا، وكيف نتلافى عثراتنا، سواء كأشخاص أو مجتمعات او مؤسسات في هذة المعمورة،  وعلى الجميع في هذا العالم  تحديد أهم المشكلات التي تواجههم بشكل مشترك، مع تفاوتها بالتأثير عليه من مكان لآخر.

من الأهمية بمكان أن ندرس ونعالج بعض الظواهر، وان تتوحد الجهود العالمية سواء كافراد او مفكرين اوكيانات او دول او فلاسفة او مخططين او معلمين  لمعالجة هذه الظواهر التي أصبحت تفتك بالمجتمعات وتقود إلى الإخفاقات، وتفقد عنصر الأمن وتناقض حقوق الانسان المعروفة بكل الأديان والأعراف البشرية والقانونية، ومن أهم هذه الأخطار العالمية هي الإرهاب الفكري والمال السياسي  اللذان انتشرا في كثير من الأنحاء والأماكن وتغللا في عقول الكثير من المجتمعات مما أدى إلى الانهيار وفقدان الأمن والأمان وانعدام الراحة لمجموعات وشعوب من حقها أن تعيش بحرية وأمان وسعادة وازدهار.

ومما يلفت النظر أيضا هو التراجع في الإدراك للمفهوم الإعلامي والأخلاقي، ونسي الكثير أن أصل الإعلام الحصول على المعلومة من مصدرها الحقيقي وبطرق شريفة ومشروعة، وليس من الإشاعات أو أصحاب المؤامرات، وتناسى البعض أنّ السلبية ليست في التطور نفسه بل بالتعامل والاستخدام، مثالا لا حصرا الطائرة والسيارة .... إلخ، كلها نتيجة اختراع وتتطور ما يسمى بالمحرك، وإن أحسنّا استخدامها تسهل حياتنا وإن أسأنا بتهورنا أو سرعتنا أصحبت أداة قتل ومصائب، وكذلك العالم التكنولوجي أو الرقمي أو وسائل الاتصال والتواصل وإمكانية الكتابة والتعبير  فحق الكتابة وإمكانية ذلك ليس غطاء شرعيا لمهاجمة أو الإساءة  للآخرين،  سواء كانوا أشخاصا أو دولا أو مؤسسات بدون أسباب أو أدلة يمتلكها من كتب ولا يجوز استخدام تلك الميزة لتضليل الآخرين وتحريف الحقائق وتزوير التاريخ وإخفاء الإيجابيات وابتداع الروايات وتأليف الحكايات المضللة والقصص المفبركة ونشر الأفكار الهدامة بغير دين ولا ذمة.

وبخلاف الواجب الأخلاقي والوازع الديني والعرف الإنساني في احترام الآخر وقبوله، وعلى الجميع أن يدرك أنّ الحوار البناء والهادف أساس التطور والتقدم وأنّ المعارضة البناءة والانتقاد الإيجابي أساس التصحيح للوصول إلى الأمثل والأفضل.

استغرب أن كثيرا ممن ينظر البعض إليهم أنهم كفاءات تبنى معلوماتها على أخبار ليس لها أي واقع بل مجرد أوهام انتشرت من خلال مواقع التواصل ويردها دون تحليل أو تفكير أو تمحيص، والأدهى أنّه بحسن نية يساعد في نشرها وينسى القاعدة القانونية أنه لا تقبل الشهادة السماعية.

هذه بعض من ظواهر العام والله أسأل أن يعيد الأعوام مرارا وتكرارا على الجميع بكل خير ويمن وبركات، والله أسأل أن يشفي كل مريض ويرحم ويغفر لكل حي أو ميت، ويفك كربة كل محتاج وأن يحمي الأمة العربية والإسلامية شعوبا وقيادات ويجنبهما جميعا المصائب والويلات.

وختامًا إلى حبيبتي الأردن ومعشوقتي سلطنة عمان أدعو الله أن تنعما بمزيد من الأمن والأمان وأمنيات السعادة والصحة والرخاء لهما شعبا وقيادة وحكومة.

تعليق عبر الفيس بوك