الحُب والأمل في 2020

مدرين المكتومية

منذ أن أدركنا العالم من حولنا، ونحن نودع عاما تلو الآخر في ذلك التوقيت سنويا، وفي كل مرة يُأخذ منِّا الكثير ونُمنَح الكثير أيضًا.. فبعد كل عام نودعه نستقبل عاماً آخر، لا نعلم ما الذي سيحدث خلاله أو ما يخبئه القدر لنا، لكنني أحرص دائما على التحلي بيقين راسخ بأنَّ العمر مليئ بالأيام الجميلة التي نسكنها وتسكن فينا، أيام تمزج بين مشاعر الحب وفتور المشاعر، بين الأمان والخذلان، بين القوة والضعف، تارة نسعد بأيامنا وأخرى يلازمنا الحزن فيها.. إنها الحياة بكل تناقضاتها التي لا يُمكننا أن ننفصل منها أو تنفصل هي عنَّا، لكنها أيضًا الذكرى الجميلة التي نسترجعها في لحظات نشعر فيها بأنَّ ما فات قد يكون أجمل مما نحن فيه.

تنقضي كل سنة وتصنع في شريط حياتنا ذكريات هي محطات العمر، الذي ينقص بزيادة عدد السنوات، فيالها من مفارقة! فكم أخذت منِّا هذه الذكريات أجمل أشخاص التقيناهم طيلة حياتنا، وكم من ذكريات عندما نسترجعها ندرك أننا كبرنا بسرعة وأن الوقت لم يسعفنا لتحقيق كل أحلامنا! السنون ما هي إلا مراحل العمر التي لا تعود، لكننا نأخذ منها الأجمل لنستكمل به مشوارنا والطرق التي نُريد أن نسلك، على الرغم من أنَّ العام الجديد ماهو إلا طريق نحو المجهول ولكننا كبشر نستهوي الخوض في المجهول دائماً وكأننا نبحث عن شيء فقدناه منذ زمن لكننا لا نعرف ماهو ولا متى سنلتقيه ولا أين أيضًا..؟

إنَّ نعمة العيش لسنة أخرى هبة من الله يجب علينا أن نُحاول جاهدين خلالها إصلاح ما أفسده الزمن، أو تغيير صفات غير إيجابية تتحكم فينا دون أن ندرك ونكترث لعواقبها، أو ما تخلفه في نفوس المتضررين منها.. نعمة العيش لسنة إضافية فرصة لتقويم سلوكنا ولتحسين علاقاتنا ولتقديم الأفضل على مختلف المستويات الحياتية.. ليس بالضرورة أننا سنعيش كل لحظات العام الجديد في سعادة وفرح، فكل شخص منِّا لديه تحديات وعقبات من الطبيعي أنه سيُصادفها، لكن أيضاً هي فرصة لمضاعفة الجهد لتحقيق أهدافه مهما عصت وصعُبت.

2019 رحلت، وعلى المستوى الشخصي وبرغم كل مافيها من لحظات ومواقف، إلا أنني ولله الحمد لا أستطيع سوى أن أشكر الله أولاً على أنها كانت رائعة بكل المقاييس وكل ما شهدته من أحداث كانت على عكس توقعاتي، فهي قدر الله المحتوم قبل كل شيء، ولقد تعلمتُ الكثير من الدروس وتعرفت على الكثير من الأشخاص الذين التقيتهم بكل حب، لكن أيضا كثيرين أسقطتهم الذاكرة، وآخرين أحزنني فراقهم، إلا أنني في نهاية المطاف لم أقف ولم تتوقف الحياة عند مواقف بعينها، بل مضيتُ في طريقي، مؤمنة بضرورة استمرار الحياة لكي أتمكن من تجاوز لحظات الحزن والألم، دون أن أندب حظي أو أجلد ذاتي، أو ألقي باللوم على حياتي أو الآخرين والظروف.

2019 كانت مليئة باللحظات والمواقف والعابرين، مفعمة بالحب والامتنان، والصدق والغفران.. كان عاما مهما لي على كافة المستويات، لكنها أيضا كانت مليئة بالمواقف المحزنة والمقلقة، ومع ذلك ما يمكنني قوله إنها انقضت بحلوها ومرها، وها نحن نستقبل عاما جديدا اليوم بكل ما فيه من مواقف ولحظات أتمنى أن يكون أكثر من رائع.

وإنني إذ أبدأُ عاما جديدا يحدوني الأمل بأن يكون استثنائيا، أستطيع أن أحقق فيه كل أمنية تجول بخاطري، وأمنيتي الأولى التي ولله الحمد تحققت في السويعات الأخيرة من 2019، هي أن يحفظ الله مولاي جلالة السلطان المفدى، وأن يمد في عمر جلالته ويرزقه موفور الصحة والعافية، أدعو الله ونحن في أول أيام العام الجديد أن يرزقنا الأمن والأمان والاستقرار وأن يُحقق لوالديّ ما يتمنيان وأن أكون دائمًا عند حسن ظن من يحبونني، ومن يريدون مني أن أكبر وأنهض وأن أمضي إلى مستقبل باهر.. وأسأل الله أن يعم السلام كل العالم وأن يكون التسامح نهجاً لحياة أفضل، وأن يحقق الله للجميع كل أمنياتهم الظاهر منها والخفي... وكل عام والجميع في صحة وسعادة،،