26 يناير

 

 

محمود المدني

لم يكن السادس والعشرين من يناير عام 2013م، يوماً كسائر الأيام بالنسبة لي، فقد كان مُختلفاً جداً، ذلك أنَّه اليوم الذي ولجت فيه عالم"الرؤية"، وما أدراك ما عالم الرؤية، إنِّه عالم مُفعم بالحيوية والنشاط والجمال والمُبادرات، فكان أن فاجأتني الصحيفة بكل من فيها -زملاء وإداريين- باحتفال كبير ترحيباً بي، الأمر الذي أثلج صدري وأزال طود الحُزن الذي كان جاثماً على صدري نتيجة مُفارقة أرض "الطابية المُقابلة النيل"؛ أم درمان، التي قال فيها ما انطبق عليّ تماماً في ذلك اليوم، الشاعر الراحل المُقيم سيف الدين الدسوقي

وركعت أُقبل أم درمان

هذى العاصمة الأنثى

أهواها مُذ كنت غراماً فى عينى أمي وأبي

ولم يكن هذا الاستقبال غريباً عليَّ؛ فقد كان امتداداً لما لمسته عن أخلاق وحفاوة أهل عُمان بالقادمين إليهم إثر ما حدث معي في مطار مسقط العامرة، حينما أشفق عليَّ أحد المسؤولين من طول الطابور فدعاني إلى منضدة خالية لإتمام إجراءات دخولي سريعاً ورحَّب بي حتى ظننتُ أنه مُوصى بي، لكني علمت بعدها أنَّه طبع العُمانيين وأصلٌ فيهم.

دخلتُ مكاتب صحيفة "الرؤية" وكنت أظنها كأيِّ صحيفة عملت بها؛ مكاناً لتسويد الصفحات بالحبر وإرسالها إلى المطابع، ولكني وجدت شيئاً آخر مختلفًا، وجدت مؤسسة تصنع الحدث، لا تُغطيه إعلامياً فقط؛ وجدت طاقماً مُتناغماً وكأنهم إخوة لا زملاء يعملون في صمتٍ وبإتقانٍ لإخراج عملٍ يُرضيهم أولاً قبل الآخرين، وإدارة داعمة لكل ما هو جديد ومُبتكر ليس لها سقفٌ للطموح والإبداع، تدفعك دفعاً نحو التجويد والتطوير والالتزام بطُرقٍ غير تقليديةٍ، صحيفة ثرية بالتنوع الثقافي الذي يتمثل في اختلاف أعراق العاملين فيها ووجهاتهم التي ينحدرون منها، صحفية حجزت لها موقعاً مرموقاً بين الصحف العُمانية في زمن وجيز في عمر الصحافة هو 10 سنوات وحققت حضوراً لافتاً عبر ما تُقدمه من مُبادرات يصب معينها في خدمة كافة أطياف المُجتمع العماني وخاصة فئة الشباب والأطفال الذين يُمثلون مُستقبل الأمة العُمانية، وليس أدل على ذلك من المُبادرة الرائعة التي أخذت بُلبي منذ قيامها.. "مكتبة السندباد المُتنقلة" والتي جاء اسمها مُستوحى من صميم التراث العُماني البحري الزاخر، وهي تهدف إلى نشر ثقافة القراءة والاطلاع وتستهدف الأطفال في كل مُحافظات السلطنة وتصل إليهم في ميادينهم ومدارسهم لتعزيز معرفتهم وتشجيعهم على البحث والإطلاع، عبر عدة مناشط منها القراءة للأطفال وإقامة الأنشطة المُرتبطة بالتشجيع على الارتباط بالكتاب، فضلاً عن بقية مُبادرات الرؤية الرائعة مثل "جائزة الرؤية لمُبادرات الشباب"وجائزة الرؤية الاقتصادية ومنتدى الرؤية الاقتصادي والمنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية، وغيرها من مُبادرات ملأ صوت صداها الآفاق، وسارت بأخبارها الركبان والعربان، وخير دليل على ذلك ما ناله المكرم رئيس التحرير والمدير العام حاتم الطائي من تكريم مؤخراً في دولة الكويت بفوزه بجائزة (التميز الدولية في الشراكة المُجتمعية)، فقد استطاعت الصحيفة تحت قيادته مُجابهة الكثير من التحديات التي تواجه الصحافة العُمانية والعالمية وعلى رأسها وسائل الإعلام الإلكترونية التي عملت الصحيفة على مُجاراتها عبر تأسيس إذاعة صوت الرؤية الإلكترونية و"الرؤيةtv" وسبقهما الموقع الإلكتروني للجريدة، الذي يحرص على مد القراء والمُتابعين بكل ماهو جديد لحظة بلحظة.

ما نود التأكيد عليه أنَّ الرؤية قد جعلت من نفسها أيقونة صحفية مهنية مُلتزمة بقضايا المُجتمع وفئة الشباب خاصة، وقضايا التنمية الشاملة والتنوير، وأنَّها تحمل رؤية ثاقبة مُتطلعة إلى الأمام وإلى كل ما هو مُفيد ومُبتكر وصحيفة بهذه السمات لن يخبو بريقها أبداً.. بإذن الله.

تعليق عبر الفيس بوك