خلفان الطوقي
يرى البعض هدوء وترقباً في الساحة العمانية، ويرى البعض الآخر أنَّ هناك قرارات وتحركات وقوانين جديدة ربما لا يشعر بها إلا من هو قريب منها، وهناك من يرى أنَّ هذا الهدوء هو ما قبل العاصفة، وأن الكثير من الناس سوف يشعر بحزمة من المُتغيرات مع بداية عام ٢٠٢٠م، وذلك لأن كثيرا من القرارات والمراكز والتعيينات والخطط الإستراتيجية سوف يبدأ عملها الفعلي مع بداية العام الذي يفصلنا عنه أيام معدودات.
ولأننا مُقبلين على المستقبل، ومتجهين لعام ٢٠٢٠م الذي يضم جدولا مزدحماً ومن أهم الأحداث رؤية عُمان ٢٠٤٠، والتي من المؤمل أن تكون دليلاً استرشادياً لبقية المبادرات الحكومية والخاصة والمدنية، وحتى المتطلبات الدولية، ولا يمكن لأحد أن يشكك في رصانة وجمال المحتوى في كتيبات "رؤية عمان ٢٠٤٠" والأهداف التي تسعى إليها والشعارات التي تحملها والطموحات التي تسعى لتحقيقها والمتوافقة مع تطلعات الوطن والمواطن، إلا أنَّ الحكم على أي ملف أو مبادرة أو رؤية لا يكون إلا من خلال تفنيده وتقييمه ومقارنة الأهداف المرسومة بالنتائج والأرقام والحقائق في أرض الواقع.
يدعي أي مسؤول حكومي عندما تقابله أو تخوض معه في حوار محاولا انتقاد أو طالباً استيضاحاً معيناً يحمل في طياته استياءً مبطناً، سوف تجده يدافع ويقول لك إنَّ هذه المبادرة أو هذا القانون أو هذه الخطة مبنية على أسس علمية وجاءت بعد دراسات مستفيضة وتجارب عملية عديدة، مهما يكن صحة الكلام من عدمه، فإنَّ العبرة تكون فقط في النتائج الملموسة، فأسهل طريقة للإقناع هي النتائج المرئية والمحسوسة، خاصة وأنَّ الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية (محليا ودوليا) خلال الأعوام الأربعة الماضية وحتى كتابة هذه المقالة ليست في أحسن الأحوال.
ولأنَّ معظم المسؤولين الحكوميين في اللقاءات الرسمية وغير الرسمية يثبتون ويقولون بأن الخطط أو المبادرات الحكومية أو القرارات أتبعت الأسلوب العلمي، فعليه لابد أن يكون التطبيق والتنفيذ والإشراف والتقييم بأسلوب علمي ومحسوب بالقلم والمسطرة ويوجد تقييم إداري ومالي واستثماري (Return on Investment) في كل ما يقومون به.
اقتربنا من عام ٢٠٢٠ بكل التطلعات والتحديات، فما هو مقبول في أوقات الرخاء، لم يعد مقبولاً الآن، فالتحديات لا تواجه بالدفاع المستميت أو الأمنيات، وإنما بالتشريعات وما يتبعها من جهود ميدانية، فالتراخي وعدم المبالاة والتسيب وكل أشكال الفساد التي تأتي من مُعرقلي التنمية غير مرحب بهم مع بداية عام ٢٠٢٠، وخلاصة القول إن أردنا مُواجهة التحديات الاستثنائية الحالية والاستعداد للمستقبل، لابد أن يستحضر كل مسؤول حكومي التبعات الاجتماعية والاقتصادية عند كل قرار أو عند كل جهد يقوم به، فإن قال المسؤول إنَّ ما قام به بناءً على دراسات علمية، فلابد أن يتم تقييم هذا العمل أو ذاك، وإن لم يتم التنفيذ، فهناك خلل ما، إما في المسؤول أو الدراسة أو جهات التنفيذ، أو الرقابة والإشراف، ولابد من الإشارة إلى المقصر ومحاسبته، وإلا فإنَّ القرار أو المبادرة في وادٍ والآخرين في وادٍ آخر، والخاسر هو الوطن والمواطن.