العلاقات العُمانية - الإماراتية ... أكثر من نصف قرن من الأخوة..

أفلح بن عبدالله الصقري

 

إنَّ العلاقات العُمانية - الإماراتية ليست وليدة اللحظة وليست مُجرد دولة جوار، وإنما العلاقات أكبر من ذلك فهي تتجاوز الحدود، فهناك ترابط أُسري واجتماعي وتبادل تجاري واقتصادي وعلاقات على مستوى عالٍ من الدبلوماسية وغيرها الكثير...، لقد أصبح البلدان الشقيقان قلباً واحداً في جسدين لايُمكن فصلهما ولو بعمليات فصل التوأمين التي نراها هذه الفترة، فالعلاقات تمتد لأكثر من نصف قرن من الزمان، ومهما بالغ المغردون وتجاوزوا الحدود المنصوص عليها في مواقع التواصل الاجتماعي من إساءات تبقى العلاقة أقوى من ذلك وفي ترابط مستمر.

فعلى المستوى الاقتصادي والتجاري تُعتبر دولة الإمارات شريكا رئيسيا للسلطنة فقد تجاوز التبادل التجاري بين البلدين الـ 36 مليار دولار في الفترة الأخيرة ويحقق نمواً يُقدر بـ %‎10 سنوياً، فيما بلغ التبادل التجاري في عام 2019 حوالي 4.5 مليار دولار، بينما يوجد ما يقرب من 2800 شركة إماراتية بالسلطنة، أما على المستوى الاجتماعي فهناك علاقات أُخوه وتكوين أُسرة بين الشعبين الشقيقين، وعلى المستوى الأبرز فالنقل له الدور اليوم، فقد تم الإعلان في يناير الماضي عن إطلاق هيئة الطرق والمواصلات في إمارة دبي وشركة مواصلات في السلطنة خطاً دولياً للحافلات بين إمارة دبي والعاصمة العُمانية مسقط تهدف إلى تعزيز النقل البري وتسهيل تنقل الركاب بين البلدين الشقيقين، أما من الناحية الدبلوماسية فالتنسيق قائم بين السفراء فهم خير من يُمثل بلديهما فعندما تحتفل أي من البلدين بمناسبة وطنية أو تحل مناسبة دينية نجد الفرحة تملأ وجوه الصغار قبل الكبار فيتبادل القادة التهاني والتبريكات بتلك المناسبات والشرح في هذا المجال لا تكفيه السطور ولا حتى الكُتب في المكتبات، فالعلاقات ضاربة منذ القدم والتأريخ يشهد بذلك، ولكم في الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات طيب الله ثراه خير مثال، عندما قال كلمته المشهورة في إحدى اللقاءات: "الإماراتي عُماني، وأنا خير سفير لعُمان في الإمارات".

أما على المستوى الأمني فنرى أنَّ هناك تنسيقاً عالي المستوى فقد استطاعت السلطات بين البلدين الحد من تهريب المخدرات ومشتقات البترول والديزل والتي نسمع من مصدر أمني بإحباط الكثير من عمليات التهريب وتجاوز اللوائح القانونية ناهيك عن إخفاء العمالة الهاربة عند الحدود، كذلك في فترة الإجازات الرسمية والعطلات الوطنية نجد أن هناك تسهيلا في الدخول والخروج لمواطني البلدين في كلا الجهتين مع تواجد الازدحام المروري لكثرة اصطفاف المركبات بالرغم من بذل الجهود وفتح المنافذ من قبل رجال الشرطة.

إنَّ المحبة ليست وليدة الصدفة ولكن هناك علامات تسبقها وهي حسن الجوار والعيش بسلام والأمن والاطمئنان بين الأشقاء، حيث نرى أنّ العمانيين كثيرو الترابط والتلاحم والزيارات المتكررة بينهما تسبق كل الأحاديث والأقوال بينما نرى الشعب الإماراتي الشقيق يُشيد بالعُماني أينما كان ويفخر كون السلطنة جارة تعيش جنباً إلى جنب مع دولة الإمارات دون إزعاج أو أذى أو تدخل في شؤونها، حيث كلا الشعبين مُرحب به في البلدين والعكس صحيح ولا يوجد فرق بين بيت عن آخر، فالتقارب العُماني - الإماراتي اليوم أكبر مما مضى وهو في تطور مستمر على جميع المستويات كالعقارات والمشاريع الضخمة في ولاية الدقم حيث استثمار التجار الإماراتيين في هذه المنطقة الواعدة والقادمة بقوة في سوق الاقتصاد العربي بصفة عامة والخليجي بصفة خاصة.

 

نسأل الله العلي العظيم رب العرش العظيم أن يديم المحبة والأخوة بين البلدين الشقيقين تحت ظل القيادتين الحكيمتين لمولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وصاحب السُّمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وكما نسأله تعالى أن ينعم عليهم بالصحة ويلبسهم لباس العافية وأن يمد في عمرهم أزمنة مديدة وسنوات عديدة.