التزلج في الربع الخالي

 

فوزي عمار

 

الاختلاف مازال كبيرا بين الشرق والغرب ليس بمعني الأفضل والأسوأ، فالمسألة نسبية وهي قناعة ثقافية في أحيان كثيرة.. بل وهناك إيجابيات في كل مجتمع وسلبيات.. ربما عندنا التماسك الأسري هو بديل عن مؤسسات الدولة الهشة لدينا.

ولكن مازلت محتمعاتتا ببساطة تعيش تحت النظام الرعائي الذي لا يقبل بالفردانية ومجتمع المخاطرة الذي نشأ في الغرب بعد الثورة الفرنسية تحديدا وتعاليم المجناكارتا في بريطانيا... مجتمع مخاطر نظر له المفكر الألماني أوليرش بيك.

لم نتعلم كعرب الحياة في ظل مجتمع متغير ومخاطر... بل ساكن وفي ظل دولة مواطنة منظمة بل دولة ضامنة لأنّ الدولة بشكلها الحالي لم تقم في أرض العرب بل في أرض الغرب.

جموع تميل إلى الصمت والاستماع لخطيب ذي صوت جهوري لا يختلف عنها في الفقر المادي والمعرفي لا يملك وسيلة سوى التذكير بعذاب جهنم.. رغم أنّ مجتمعاتنا تعيش جهنما في الدنيا من فقر وجهل...

لا شكّ أن لدينا قصورا معرفيا واضحا وهنالك خلط بين ما هو معرفي وما هو سياسي وخلط بين السياسي والسيادي وبين الإسلام كعقيدة وكشريعة للحكم وبين العرب والإسلام وطريقة التفكير بالثنائيات؛ الخير والشر.. المسلم والكافر.. الأبيض والأسود.. وغيرها كثير وهي ضيق أفق وعمى بصري لا يري الألوان الأخرى. وقبل أن نفهم الفرق بين الدولة والشخصية الأبوية سنظل نلف في دوائر مغلقة لا طائل منها سوي الفوضي والعودة للماضي والخوف من المستقبل لأننا ببساطة لا نملك آليات فهمه وتفكيكه والتعايش معه.. بل نلجأ إلى الحنين للماضي وتخوين التغير والحنين للعيش في الزمن الجميل لأننا ببساطة نخاف المستقبل ولدينا جرح نرجسي لا نريد الاعتراف به، جرح نرجسي نعتقد أننا خير أمة أخرجت للناس بدون شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... ولا نؤمن أنّ المنكر هو أن نظل نردد أننا مسلمون ومؤمنون دون العمل على ذلك؛ فتجد مجتمعاتنا يسودها الفساد وعدم النظافة وانتشار الطبقية.. فالناس في الإسلام سواسية مثل أسنان المشط.. لكنا لا نعمل على الوصول لهذه العدالة.. تناقض يسمي في علم النفس شيزوفرينا، إضافة إلى التعميم والتسطيح وعدم التفريق بين الذاتي والموضوعي.. وفي أحيان كثيرة المعرفة بالشيء لا تعني اكتسابه فالقول لا يوازي الفعل بل في تناقض ونفاق شديد.

نحن تقريبا نستورد كل شيء.. في أحيان كثيرة تجدنا نستسهل الحلول الجاهزة ولا نفكر في حل ينطلق من أرضنا... أرض الملح والسواد بل نستعين بالأجنبي في كل شيء وننقل عنه تجاربه التي لها ظروفها الخاصة وليست ظروفنا فنصبح أحيانا كمن يريد التزلج، ليس في جبال الألب، بل في الحمادة الحمراء أو الربع الخالي.