صوت البحر

 

هلال الشيادي| سلطنة عمان

 

أصغي إلى صوته العالي يناديني

يقول آنَ لمائي مزجةُ الطينِ

//

دلفت أدفع آمالي وأرفعها

تعاند الموج في عزم وتكمين

//

وعندها انطرح اللوّاس في شغف

لقاربي وسنا الآمال يعلوني

//

صافحت موج طموحي ثم في ثقةٍ

أبحرت في لجة أمست تحييني

//

أحببتها وأحبتني نورارسها

وعانقت أملي كل العناوين

//

في رمسة الليل والهيال منطرحٌ

في الماء، والصدر يشكو برد كانون

//

تمازج الليخ باليامال في طرب

يشق صمت الدياجي عذب تلحيني

//

أنا ابن مائك يا بحر العطاء أنا

روحي بروحك والمرجان في جيني

//

فكم مددتَ يدا نحوي على كرم

والحمد لله حمدًا غير ممنون

//

ففي جمالك آفاق مفتحة

وفي حديثك آلاف المضامين

//

حتى لصمتك بوح صرت أفهمه

لأن قولك درٌ غير مكنون

//

إني أنا ذلك الصياد من زمن

أقبلت خلف أبي ضمن الملايين

//

وللسويق نشيد صيغ من أمل

غنى به الدهر في ثغر الميامين

//

كل السواحل مرسى مُدّ في كرم

إلى القوارب في كل الأحايين

//

إني أنا ذلك الصياد يا بلدي

سفينتي العزم تجري منذ تكويني

//

أقبلت أحمل في قلبي صنيع أبي

ومهنة بوركت من رب ذي النون

//

يا أيها البحر يا كفا يواسيني

يا لقمة العيش في ثغر المساكين

//

يا نغمة توقظ الأحلام أغنيةً

غنيتها فغدت لحنا يغنيني

//

يا بحر يا حامل الآلام من دمنا

كم آهة فيك ذابت من شراييني

//

فكم حملتَ شراعي من موانئه

إلى السماء وعاد الْيَوْم يعليني

//

أفصح تكلم فما أحلاك من لغةٍ

حديثها العذب رغم الملح يغريني

//

صديقيَ البحر في قلبي مضى زمنٌ

عبرْتُه منك في آه وتلحين

//

كم يا صديقي احتضنت الروح بعد أسى

وعدتُ منك بآمال تسليني

//

كم كنت صدر أب ربّتّ فيّ يدا

وقلب أم بتحنان تلاقيني

//

حتى النوارس في أوراقك اقتربت

مني وحطت تغني في دواويني

//

يا بحر ها غنت اليامال معلنة

عن الرحيل على موج يواريني

........

*هامش:

قصة عشق:

قصة أبي مع البحر ليست كأي قصة خلت، فهي قصة عشق مع البحر ، بدأت منذ نعومة أظفاره وارتاده بحب وتحد، عرف الموج والريح وصادق نوارس البحر فهي ترحب به كل صباح شتوي بارد، وترافقه حتى في عرض البحر

كان أبي يرى البحر هو مصدر رزق وحيد وهدية من الله إليه وعاش بين أحضانه وأدمن هدير موجه، فكان له مع القارب حكاية جميلة بصوت "ماكنته" التي تصدر صوتًا لا يعتبر مزعجًا بالنسبة له، بل هو سيمفونية بحرية جميلة لا تختلف عن لحن اليامال الذي يغنيه بين شباك الصيد والبحر ترقص عليه خيوط الشبكة بكل خفة وجمال، وحينما يتوسط أبي البحر حيث لا يرى إلا الماء والسماء في كل الجهات، هنا تتوحد نبضات قلبه مع نبض البحر ليخرجا بأغنية حب خالدة تغنيها الموجة والمهجة يامالا طربا في مسرح اللجة.

ورحل أبي والبحر ما زال يذكر وجهه البحري المتموج كأمواج البحر ذات يوم عاصف ويرسمه في قطعة صدف تهبط على الساحل شوقا إلى الرمل الذي يضم رفات أبي العزيز.

تعليق عبر الفيس بوك