خلفان الطوقي
انتهت قبل أيام انتخابات مجلس الشورى للدورة التاسعة، ومن بعدها بأيام تمَّ تسمية أعضاء مجلس الدولة من لدن مولانا السلطان قابوس المعظم -حفظه الله وأطال في عمره- وبهكذا ترشيح وتعيين لعدد 172 عضوا وعضوة، يكتمل بناء أهم أركان ومؤسسات عُمان التشريعية والرقابية والاستشارية، والذي يسمى بـ"مجلس عمان"، وأهميته هذه المرة أن حوالي 70% من الأعضاء والمعينين هم من الأعضاء الجدد، ومن المتوقع حسب ما جرت العادة أن تُقام قريبا الجلسة المشتركة عند كل دورة جديدة، وتكون ضمن احتفالات العيد الوطني في نوفمبر المجيد.
هذه الدورة لمجلس عُمان -بشقيه الشورى والدولة- ليست عادية أبدا، ولا يمكن أن تكون عادية حسب المعطيات، بها الكثير من التطلعات المستقبلية من الحكومة التي تُنفذ الخطط الإستراتيجية من خلال برنامج تنويع مصادر الدخل المسمى بـ"تنفيذ"، واقتراب الخطة الخمسية التاسعة على الانتهاء، واقتربنا من بدء الخطة التنموية الخمسية العاشرة، وبداية تنفيذ رؤية عمان 2040 مع بداية سنة 2020م، وبدء العمل الفعلي للمركز الوطني للتشغيل في يناير 2020م، واستمرارية السلطنة بتقديم التقرير الطوعي لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، ودخول السلطنة سباق المنتدى العالمي للتنافسية من خلال المكتب الوطني المعني بهذا الملف، إضافة لآمال وتطلعات أخرى كثيرة يصعب حصرها في مقال واحد.
لكن في الوقت ذاته، هناك تحديات وملفات ساخنة تواجه كل أطراف الدولة من حكومة ومجالس منتخبة أو معينة؛ أهمها: ملف الباحثين عن عمل، وتمكين القطاع الخاص، الذي يواجه صعوبات تصاعدية يوما بعد يوم، وملف المحافظة على جودة الخدمات المقدمة للمواطن من تعليم وصحة وإسكان وأمن ودعم...وغيرها من الخدمات، التي اعتاد عليها المواطن بمعايير معينة، وضرورة تحسين هذه الخدمات بشكل عصري، وملف مواجهة تذبذب أسعار النفط المورد الأول للسلطنة، وملف ضمان ديمومة التدفق المالي دون الحاجة لزيادة الدين العام الذي قد يتجاوز 50% من الناتج المحلي الإجمالي؛ ليصل لأكثر من 17 مليار ريال عماني بعدما كان حوالي 6% في العام 2013م، وكيفية المحافظة على تصنيف السلطنة الائتماني، وملف التأقلم مع تسارع التطور السريع والاستعداد للتعامل مع تكنولوجيا الألفية الثالثة التي ستغير كل أنماط حياتنا رأسا على عقب، وملف بعض الشركات الحكومية وجدواها، وضرورة فتح ملف لدراستها، ورفع التوصيات اللازمة حيال أدائها وإعادة هيكلتها إن استدعى الأمر، وملف القوانين الاقتصادية الجديدة، وضرورة تفعيلها "الشراكة والخصخصة والإفلاس واستثمار رأس المال الأجنبي"، وملف الإستراتيجيات التي أعلنت عنها بعض الجهات الحكومية كالسياحة والصحة...وغيرهما، ومتابعة تنفيذها واقعيا وبالأرقام، وملفات دسمة أخرى معنية بالجانب الاقتصادي والاجتماعي.
عدد 172 عضوا وعضوة -مناصفة بين المجلسين الشورى والدولة- يُتوقع منهم عملا مهنيا متواصلا، يتميز بنتائج محسوسة يستشعرها المواطن؛ فالمواطن اليوم أصبح أكثر معرفة ودراية وقارئًا متمكنًا للأرقام والحقائق، ومقارنا خبيرا بين العضو المتمكن والمتمرس الذي يُمكنه أن يضيف قيمة أينما حل، والعضو الذي يبحث عن شد انتباه وكرسي وجاه ويسعى لمصالح شخصية.. المرحلة الحساسة هذه تحتاج إلى الصنف الأول من أعضاء المجلسين؛ فعمان ومواطنوها وسلطانها وضعوا هذه الأمانة والثقة فيمن يُعول عليهم، سائلين الله جل جلاله أن يُعينهم وأن يكونوا من الفئة الأولى القادرة على تحمل مسؤوليتها الوطنية العظيمة أمام الوطن والمواطن وسلطان البلاد المفدى.