المعتصم البوسعيدي
ضربَ نادي العهد اللبناني موعِداً مع التاريخ حين تُوجَ بلقبِ كأس الاتحاد الآسيوي لأولِ مرةٍ في تاريخهِ وتاريخِ الكُرةِ اللبنانية التي لا تعيش حياة فارهة أو بيئة كروية جاذبة وغنية، فقط هي الأحلام التي تنتشي بسعي راغبيها، والعِظةَ التي يقرأ سطورها الناجحون.
من ملعبٍ صغير، ومدينة يغلبها "فُسيفسائيةً" مُختلطة على صعيدِ الإنسان والبنيان، ومخيم فلسطيني هارب من تفاصيلِ الزمن. من برجِ البراجنة وبئر العبد وقطعة من قضاءِ بعبدا في محافظةِ الجبل، كان نادي العهد قلعة صفراء ظهر شموخها بعد 38 سنة من التأسيس؛ حيثُ الفوز بكأسِ الاتحاد اللبناني في العام 2004م، ومن ثمَّ تحقيق أول بطولة دوري في العام 2008م قبل إن يُزاحم كبار لبنان النجمة والأنصار بلقبٍ سابع للدوري في الموسمِ المنصرم، ويتفوق عنهم بلقبهِ القاري قُبيل أيام مضت.
إنَّ تحقيق نادي العهد اللبناني البطولة الآسيوية، ومن قبلهِ الأندية المصنفة تحت أندية الدول "الناشئة" في القارة يُترجم لنا واقع كُرتنا العُمانية الصعب، فما تعيشه هذه الأندية ــ غالباً ــ تعيشه أنديتنا المحلية، بل يُعتبر حالنا أفضل من عدة نواحٍ ومعايير فنية وإدارية، الأمر الذي يقودنا في كُلِ مرةٍ لوضعِ علامات استفهام دون إجابات مُحددة، وحتى هذه الإجابات تتساقط تسويفاً وتقادماً ولا مبالاة، فلا نفعت الوقاية ولا فلح العلاج.
ما يدور في دهاليزِ كُرتنا خاصة في الفترةِ الأخيرة لم يعد يُعطي مؤشرات واضحة؛ ليس لا إن التغيير والتطوير غير مطلوب، ولكن لأن النظرة باتت متوجسة من الآمال، والثقة شبه معدومة كحالِ بقية الرياضات، بالتالي تتوسع فكرة الإنجاز بتحقيق الاستثناء من القاعدة، فقد تخرج لنا من رحم المعاناة بطولة لمنتخب أو لنادي في فترة معينة، ثم يذهب العمل إدراج الرياح، ولنا في بطولة الخليج دليل وبرهان؛ فلم نستثمر ما حققناه لرفعِ سقف الطموحات، بل عاودنا البحث ــ بعد حين ـــ عن محطة الانطلاق في مسار دائري.
من جهةٍ أُخرى، تثبتُ كرة القدم أنها تُعالج ما تفسده السياسة، فهي في مضمونِها الجميل مرآة محبة وسلام، تجمع المتضادين وتوقف تصدعات الدهر، وتبثُ روح الفرح والسعادة، وقد جاءَ فوز العهد ولبنان تعيش ما تعيشه من أحداثٍ جِسام، فرسم العهد لوحة البهجة وزاد منسوبِ الجمال، وأثمرت الشجرة الخضراء، وطفقَ اللبنانيون في الدارِ والمهجر ينسلون من ضوء القمر ويعبرون من وهج الشمس مُترقبين العهد الجديد. فهل سيحدث ذلك؟! ربما، وربما ــ كما ذكرنا ــ ذاكَ استثناء القاعدة، ثم "تعود حليمة لعادتها القديمة".