عملية التصويت عن بعد

 

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

انتهى العرس الانتخابي في بلادي بكل إيجابياته وسلبياته، ولا بد من وقفة معه للاستفادة من الإيجابيات وتلافي السلبيات من أجل المستقبل.

فقد استحدثت وزارة الداخلية في الفترة التاسعة من انتخابات أعضاء مجلس الشورى تقنيات إلكترونية متطورة؛ كجهاز التصويت الإلكتروني "صوتك" ونظام التصويت عن بعد من خلال التطبيق الخاص بالهواتف الذكيّة والمخصص للمواطنين المتواجدين خارج السلطنة لظروف العمل أو الدراسة أو السياحة أو الزيارات العائلية أو زيارات العلاج في الخارج، كذلك يتيح التطبيق التصويت للجان العاملة في الانتخابات الذين سيكونون منشغلين بتغطية عملية الانتخاب يوم التصويت.

ويعتبر جهاز التصويت "صوتك" والتطبيق للهواتف نقلة نوعيّة، وربما تكون السلطنة هي الأولى التي تطبق هذه الأنظمة على مستوى الوطن العربي، كما تعتبر خطوة جريئة وغاية في التقانة.

وهنا أود التركيز على تطبيق الهواتف الذكية، فمن متطلبات استخدام التطبيق، بعد القيد في السجل الانتخابي، وسريان مفعول البطاقة الشخصية للناخب، يشترط أن تكون شريحة الهاتف معززة بنظام التصديق الإلكتروني PKI وصادرة من إحدى شركات الاتصالات العاملة في سلطنة عُمان، مع توفر خاصية التجوال الدولي للمصوتين من خارج السلطنة، بالإضافة إلى تفعيل خاصية تحديد المواقع GPS لتحديد موقع الناخب، إضافة إلى وجود الكاميرا الأمامية للتصوير السلفي للناخب لتأكيد شخصيته.

فبعد تصويتي عبر الهاتفي كوني إعلامي ويحق لي التصويت عن بعد يوم 19 نوفمبر، نشرت تغريدة عبر حسابي في تويتر ذكرت فيها قيامي بعملية التصويت عن بعد، وكان التصويت من داخل السلطنة، حينها تهافتت عليّ الاتصالات والرسائل التي يستوضح فيها البعض عن كيفية التصويت عن بُعد، ومن بين هذه الاستفسارات تصلني من أشخاص يقيمون خارج السلطنة أو يقيم أقاربهم هناك، خاصة أولئك الذين يواجهون بعض الصعاب في التصويت، وتمّ توجيههم إلى مركز التواصل الذي وفّرته وزارة الداخلية مشكورة، كما قمت بتوجيه البعض بما أمتلكه من خلفية تقنية.

أحد المتصلين يسألني عمّا إذا كان بالإمكان قيام بعض المترشحين بتنظيم قوافل يُنقل فيها الناخبون في حافلات إلى إحدى الدول المجاورة للتصويت لصالحه مقابل رحلة ترفيهية لهؤلاء الناخبين لقضاء يوم ممتع في تلك الدولة. وبمراجعة الأمر وجدت أنّ بالإمكان القيام بذلك في ظل توفر العوامل التي تتيح التصويت عن بعد، وهي مغادرة البلاد عبر أحد المنافذ الحدودية لإثبات المغادرة، ثمّ العوامل التي ذكرتها سابقاً وهي: أن تكون لدى الناخب شريحة هاتف معززة بنظام التصديق الإلكتروني PKI وصادرة من إحدى شركات الاتصالات العاملة في سلطنة عمان، مع توفر خاصيّة التجوال الدولي، وكاميرا أمامية للتصوير السلفي، إضافة إلى تفعيل خاصية تحديد المواقع GPS لتحديد موقع الناخب لإثبات تواجده خارج السلطنة.

فإذا ما توفرت هذه العناصر فإنّه يمكن لأي ناخب أن يصوّت بكل سهولة ويسر، كما يمكن للمترشّح الذي يشتري الذمم من خلال شراء أصوات الناخبين أن يلجأ إلى هذا التصرف، طالما أصبح الضمير والأمانة غائبين، وهذه نقطة يتعيّن على وزارة الداخلية معالجتها وتداركها في انتخابات الفترة العاشرة.

أمّا ما حدث في يوم التصويت من خلال جهاز التصويت الإلكتروني "صوتك" فيجب أن يعطينا درساً أنّ التقنية سلاح ذو حدين، ويجب ألا نتحول تحولاً جذرياً من النظام السابق إلى النظام الجديد، وأن تبقى للورقة مكانة خاصة وأنّ التجارب التي أجريت قد أجريت على نماذج قليلة، ولم تجرِ على شعب بأكمله.

وهناك أمر آخر قد وقعنا فيه كإعلاميين يجب تلافيه مستقبلاً، حيث قمنا بالتصويت يوم التاسع عشر من أكتوبر 2019 باعتبار أننا سنكون يوم 27 أكتوبر منشغلين بالتغطيات الصحفية متنقلين بين المراكز الانتخابية في الولايات، وكنا خارج العمل.

ففي اليوم التالي 28 أكتوبر لم نتمكن من استخراج شهادة الحضور الانتخابية باعتبارنا أننا لم نصوّت في يوم الانتخاب، وبالتالي دفعنا ثمن هذا الخطأ، فالبعض اضطر لخصم الإجازة من رصيده، والبعض الآخر طلبها كإجازة طارئة.

فهناك مراسلون يعملون في مؤسسات أخرى غير صحفية أو إعلامية، وعملهم الصحفي كمتعاونين فقط.

أمر آخر؛ أنّ غالبية الإعلاميين في الولايات وصَلتهم بطاقاتهم الإعلامية بدون صورة وبدون غلاف وبدون شريط حامل مما اضطر الإعلاميين إلى وضع البطاقة في جيوبهم وإبرازها عن الطلب من اللجنة في المركز الانتخابي. فمثل هذه الأمور نأمل تفاديها مستقبلاً، فالمراسل يتكبّد العناء في التنقل من ولاية إلى ولاية أخرى، كما يتحمّل مصاريف الوقود، وفي نهاية الأمر لا يحصل على مكافآت مالية كبقية اللجان المشاركة في الانتخابات.