أنفض الغبار عن أسنانه اللبنية

 

رشيدة المراسي | تونس

 

مازلت  أرابط في الربع الأخير من الليل

ذلك الموعد الهجين من كل نهاية مشوّقة

ألقي بسلال قمامة الذاكرة عند قدم الجبل المتهاوي في أرذل الصمت

أعود بيتي الطفولي أنفض الغبار عن أسنانه اللبنية

أستعيد دفء ليالي الشتاء عند موقد حكايات جدتي حليمة

لأعيد تدوير البطولات القديمة في مغزل صوفها

عن قسوة جدي ومهارة عصاه الغليظة على ظهر أبي

حتى صار رجلا كريما تحبه كل النساء

وعن مواسم الهجرة إلى بلاد الحلم العسير

وحين يغشاني صمت الحزن ويباغتني سؤال الحيرة في انتظار أجوبة مقنعة 

عن سر البطولة والرجولة والكرم وعالم الرذيلة

أركن رأسي الصغير بعناية في حضنها الصغير لأحلم بأبي واقفا كعادته

عند باب بيتنا الصغير وهو يقلّب محتويات حافظته ليوزّع علينا ما تيسّر

من قطرات عرقه المعطّرة بحقول الحنطة وبساتين الزيتون والصفصاف وإكليل الجبل

تعليق عبر الفيس بوك