تراجع ترتيب السلطنة في مؤشرات التنافسية.. الأسباب والمعالجات

 

حاتم الطائي

 

أما قبل:

إنّ قراءة مؤشرات التنافسية لا ينبغي أن تقتصر على نظرة محدودة ضيقة، بل يجب أن تتعداها لتكون شاملة لمختلف النواحي، مع التطلع بعين يملأوها التفاؤل إلى المستقبل المزدهر لعماننا، وفق آليات مدروسة بعناية ودقة، وجهد مؤسساتي وتضافر للجهود، من أجل رخاء ونماء هذا الوطن الغالي.

***

أما بعد:

البعض راهن على ارتفاع أسعار النفط، خاصة في أعقاب التوترات التي شهدتها منطقتنا خلال الشهور الأخيرة، وأدت إلى زيادة نسبية في الأسعار، إلا أنّ الواقع تمثّل في عدم استمرار هذا الارتفاع، لأنّه ببساطة غير مبني على نمو حقيقي للطلب على الخام، بل نابع من مخاوف لدى المستثمرين سرعان ما تلاشت بعد انقشاع سحب التشاؤم إزاء مأمونية حركة الملاحة في الممرات الدولية.

***

 

السؤال المحوري:

كشفت مؤشرات التنافسية لعام 2019 تراجع الترتيب العام للسلطنة بنحو 6 مراكز عن العام الماضي 2018 فما أسباب هذا التراجع وكيف يمكن معالجته؟

الإجابة: تتطلب بالضرورة تسليط الضوء على أبعاد لم يذكرها التقرير الذي يصدر سنويا عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

البعد الأول: هو أوضاع الاقتصاد العالمي وتحديات التنافسية في ظل التوترات التجارية والمتغيرات الجيوسياسية، وهذا بُعد بالغ الأهمية، فأن تعيش وسط منطقة تموج بالصراعات والتدخلات العسكرية إضافة إلى بوادر ركود عالمي، والأهم من ذلك كله تقلبات في أسعار النفط، فأنت أمام تحدٍ كبير، ليس فقط على مستوى التنافسية مع الدول الأخرى، بل أيضًا من حيث إدارة شؤونك الاقتصادية الداخلية.

**

البعد الثاني: ويتمثل في جهود المكتب الوطني للتنافسية، وهو الجهة الحكومية المنوط بها تعزيز تنافسية السلطنة في مختلف المؤشرات، والنتائج التي تحققت في عام 2019 تعكس حجم الجهد المبذول للقائمين على هذا المكتب، وأكرر أنّه لا يجب أن نطلق الأوصاف السلبية ونلقي بنظرة غير إيجابية على الترتيب العام، لأنّه كما ذكرت يتضمّن تحديات عدة؛ كثير منها تحديات خارجية لا نستطيع التحكم فيها بمفردنا. لكن من منظور تفاؤلي- وهو مطلوب لمواصل الأداء وعدم فقدان الحماس-

***

 

نظرة من قريب:

إن المؤشرات الداعمة لنمو القطاعات غير النفطية الواعد، مبشرة للغاية، فنحن على الرغم من التراجع في الترتيب العام بتقرير التنافسية العالمي، إلا أننا حافظنا على أداء جيّد في مؤشرات بعينها، منها- وفي المقام الأول- احتلال السلطنة للمركز الأول عالميا في مؤشر "الخلو من وقوع الإرهاب"، وهذا- برأيي- المؤشر الأكثر أهمية على الإطلاق، فصفر إرهاب يعني أعلى معدلات الأمن والأمان، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فنحن في عمان نعيش في أمان وسط منطقة ملتهبة، وذلك بفضل السياسات الحكيمة وعمق الرؤية الاستراتيجية في ظل القيادة الفذة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه، ونحن إذا ما وظفنا فقط هذا المؤشر لجذب الاستثمارات واستقطاب المستثمرين من حول العالم، نكون قد حققنا تقدما كبيرا على صعيد تطوير القطاعات الواعدة. وما علينا سوى ترجمة النجاح السياسي- محليا وخارجيا- إلى نجاح اقتصادي يساعدنا على تخطي التحديات الاقتصادية.

***

 

أخيرا:

كان- ولا يزال- الخيار الأول للسلطنة أن تعمل بكل جد وسرعة على تحقيق التنويع الاقتصادي، والاستفادة من المقومات التي تزخر بها بلادنا.

تعليق عبر الفيس بوك