شراك الورد

 

زكيّة الشبيبية | سلطنة عمان

 

قصد محل الزهور كعادته... تناول باقة... دون أن يكلف نفسه متعة النظر إليها، تحتضر ألوانها الزاهية في قبضة يده تلك التي لن تنل برونقها شفاعة في قلبه! .... أي باقة فحسب كانت ستفي بغرضه وتحقق هدفه.... رمى مافي جيبه، حملها وانصرف...وما إن وصل إلى البيت وهمَّ بالدخول دسَّها خلسة على إحدى الأرائك، بدت مسطحة كرضيع يحن إلى صدر أمه.....مضى مطمئنا وقد أودع معها كل ثقته فهي كفيلة بأن تسحر قلبها كسابق الباقات التي أتت من الطريق نفسها...كان يظن بأن الورد وحده كفارة الذنوب، دون الحاجة لاعتذار، أو ارتجال مزيد من الكلام، وحده الورد سيبوح بكل شئ.... قالها مرارا وتكرارا حتى أقرها في نفسه لم تخلق الأنثى التي اعتذر لها ولكن الورد وحده خلق لأجل ذلك.... فالورد هو الحب وهو حارسه، ولن  يهرب الحب ولن يتداعى أمام شراك الورد وقبضته التي سوف تعيده إلى جادة الصواب... ولو أعلنت القلوب فيما بينها حربا وطيسة سيخرسها الورد حتما بلطافته ووداعته... إنه يذكر ذلك اليوم الذي أتلفت فيه وبدون قصد ملفا كان ينجزه فبدأت أصابعه تأكله حتى لطمها بقوة أخرستها قرابة يومين..... وأودعتها شاحبة حزينة تقتات الصمت والوحدة... لم يعتذر ولم تكن لديه الرغبة ليداويها بعذب الكلام... ولكي  يلملم أوراق حماقته من قلبها.... نصب لها شراك الورد.... طرح الباقة على الأريكة نفسها، إنه لايطيق أن يكلف نفسه العناء ليناولها إياها حتى لا تلتقي عيناه بعينيها فيطرحها في أي بقعة حوله لتمضي إلى قدرها.. تمتم فخورا بنفسه: سوف تعود إليَّ شائت أم أبت.... انتبه لها وقد خرجت متلفعة بجلبابها كامرأة غريبة نبتت فجأة في هذه الدار.... لقد كانت تجيء وتذهب دون أن يراوغها شِراك الورد الذي نصبه..... دون أن تحتضن الباقة كعادتها وتلتقط صورة مرتبة تذيلها بتعليق ساحر: حبيبي أنت وحدك ورد أيامي.... بدأ مرتبكا من صمتها وهجرها له هذه المرة... وقد مضى على باقة الورد أسبوعا على الأريكة... لم يذُب قلبها في فخ باقة الورد، لقد تركته للبعوض الذي بدأ يتكاثر على رائحة بتلاتها الذابلة... نظر إليها نظرة بؤس ملؤها الخيبة لينتشل الباقة ويرميها لأقرب حاوية، وأخيرا قرر أن يرتب بعض الكلام... أي كلام لطيف فحسب.... ربما حان الوقت ليعتذر.... إنه يخاف أن تهجره للأبد، يجب أن يتدارك نفسه ويحسم أمره.... فكر كثيرا. ماذا لعله إن يقول... وهو الذي لا يطيق أن يطأطئ رأسه لمخلوق ويعترف بتلك الذنوب أوالعيوب... وبينما هو ساهم يفكر.... وصلته رسالة على هاتفه... انتفض ليعدل جلسته على الفور وقد أدرك أن الرسالة منها.... كتبت فيها...

لا قيمة للورد

لاقيمة للحب...

لاقيمة لك .....

مالم تحسن التقدير والاحترام....

ثم مضت.... لتكون آخر رسالة تبعثها إليه ولم يزل يحتفظ بها في هاتفه.....

 

 

تعليق عبر الفيس بوك