ما الذي يدفعني لانتخابك؟

 

علي بن سالم كفيتان

ربما هذا التساؤل أصبح غير وارد في ظل غياب المرشح المستقل الذي لا ينتمي إلى فئة أو تجمع أو غير ذلك من الأشكال التي انتجها المجتمع لدينا ضمن تجربة الشورى، ومع ذلك لابد من طرح التساؤل رغم علمنا المسبق أنه غير وارد في قاموس التجمعات أو التكتلات الانتخابية التي حسمت أمرها مبكرا وباتت لجانها تخلط الليل بالنهار لتجهيز قوائم بأسمائنا وتعيين من يلاحقنا حتى باب قاعة التصويت.

لكن المسؤولية الوطنية تجعلنا نتوجه لمرشحينا في عموم الوطن بحقيقة مفادها أن إقناع الناخب أفضل من حشده تحت أجندات قديمة وآيدلوجيا عقيمة ساهمت بشكل غير مسبوق في تقليص أدوار هذه المؤسسة الوطنية.

يقول البعض إنني سأنتخبك كونك من أبناء جلدتي ونتشارك في ذات السلسة الجينية، لكن هل تعلمون أن أبرز الحقائق العلمية تقول إن الانتقاء الوراثي من ذات السلالة ينتج أبناء معوقين!! لهذا تبدو هذه الحجة غير مقنعة بما فيه الكفاية لكي ندفع بك إلى عضوية المجلس، ومع ذلك نعرف أنك ستفوز، لكن هذا الانتصار ستلازمه إعاقة دائمة وسيبذل من ذهب لترشيحك كل جهده وحججه أمام نفسه وأمام المجتمع لعلاج تلك العاهة ولن تشفى إلا بعد رحيلك.

حجة أخرى تقودنا للتفكير بانتخابك وهي أنك ولدت من أرحام شتى لكنك لا زلت رهين انكسارات الماضي فكل همك إثبات أنك أصبحت الأفضل تنظيماً والأكثر وطنيةً وأتيت بعد أن اصطفاك خيرة أهل العلم وجهابذة السياسة وأرباب الأموال، وفي الحقيقة لا زلت مسكونا بروح الأنا رغم التعدد الذي تتبناه والصورة المثالية التي تعكسها للآخرين لكنهم لا يرون سوى طيفك، فالصورة لا زالت قاتمة ومع ذلك إننا لعلى يقين بأنك ستحصد الغلة الأعظم من الأصوات الباحثة عن الذات المفقودة.

وربما نقول إننا نفضلك لأنك من أرباب المال أو من المحسوبين عليهم فالقرب منك فضيلة ومدحك أصبح فرض عين لكي نحظى ببعض الرضا منك أو من يدفعون بك في كل مرة لتترشح نيابة عنا ولا مجال لنا سوى التسليم بهذا الواقع، فكم تعجبنا ثيابك المنمقة وخاتمك الزمردي وسيارتك الفارهة، لكننا لن نحظى بشيء منك ولا من أصحابك، فمدينتنا لا زالت قرية نائية لأن آخر زياراتك لنا عندما كنت طفلا صغيرا، ومع ذلك ستفوز ولا تقلق من زعيق الغربان الذين تركتهم على مدخل الولاية التي منحتك فخامة المجلس وحظوة أصحاب السلطة والمال.

وقد تجعلني أذهب مغمض العينين لانتخابك شرط أن تجعل ولايتي أولا وأن تدافع عنها بكل ملكاتك، فلا يمنع أن تكون قبليا مقداماً، أو تكنوقراطيا متمكنا، أو من أصحاب الأموال، لكننا ننتظر كل ميزاتك تلك لازدهار ولايتنا، فعندما تدفعك المكونات الاجتماعية المؤثرة نبحث عن الذي كان خلف الكواليس ليستغل ذات الوسيلة التي أوصلتك لتطوير وتنمية مدينتي وقريتي، لا لكي يزهو بنهايات اسمك بين جلاسه، وإن أتيت من رحم الاختيار الحر غير المتحيز وتملك صفة التكنوقراطي النزيه، فإننا نرتقب النتائج ونتلمس الخواتيم. أما صاحب المال فهو من يستطيع جلب الجميع إلى الطاولة ويستخدم أدواته للضغط على كل المفاصل إن أراد، ولكن معظمهم يستخدمون هذا البند لتبيان قوة النفوذ الاجتماعي وكسب المزيد من المناقصات المليونية عبر ما بات يعرف بالشركات الأهلية.

وأخيرا قد امنحك صوتي إذا خبِرتُك في دورة سابقة بالمجلس وشهِدتُ على إنجازاتك عندما جعلت ولايتي قبلة للوزراء وأصحاب النفوذ، ورأيتك بأم عيني تخلق الفرص للشباب ومنجزاتك شامخة على أرض الواقع، وإذا احتجتك وجدت لك عنوانا أذهب إليه، وإن اتصلت بك رفعت السماعة ورحبت بي، رغم أنك لا تعرفني، وتركت كل مشاغلك جانباً لتبحث معي عن حل لمعضلتي!!