طالب المقبالي
قبل عقدين أو ثلاثة عقود حين لا توجد صحافة إلكترونية، ولا مواقع أنترنت ولا مواقع التواصل الاجتماعي، كنا ننتظر بلهفة وصول الصحف الورقية إلى المكتبات ومحطات تعبئة الوقود في الإجازات لا سيما إجازات العيد الطويلة نوعاً ما لنكون على تواصل مع العالم من خلال تتبع الأخبار التي حدثت بالأمس.
فقد كنا نحرص على اقتناء كافة الصحف المحلية والعربية التي لم تكن تعرف الإجازات لا سيما الصحف الحكومية كصحيفة عُمان.
فكانت الصحيفة تتداول من يد إلى أخرى كفنجان القهوة، فما إن يمسك بالجريدة شخص إلا والأنظار تلاحقه وتتابع متى ينتهي من تصفح الجريدة، وغالباً ما يقتسم الحضور الملاحق من الجريدة التي غالباً ما كانت تأتي مجزأة، الجريدة الأساسية والتي تتضمن المحليات والأخبار السياسية والمنوعات، أو الملحقين الاقتصادي والرياضي، وهكذا دواليك، حيث يتم تناقل الملاحق من شخص إلى آخر، والمحظوظ فقط من يصله الدور للحصول على ملحق.
وكذا الحال في مجالس العزاء حيث تتداول الصحف بين الحضور، ويعد من الكرم أن تأتي إلى مجلس العزاء وتحمل في يدك جريدة ليقرأها أصحاب العزاء والمعزون.
فلم يكن حينها توجد هواتف ذكية، ولم يكن هناك أنترنت، ولم تكن هناك منتديات حوارية، ولم تكن هناك مواقع إلكترونية، ولم تكن هناك صحف إلكترونية، ولم تكن هناك مواقع للتواصل الاجتماعي.
ومع بداية تسعينيات القرن الماضي بدأت التقنيات الحديثة في الظهور، وفي أواخر العام 1996 دخل الانترنت للسلطنة وبدأ معها استخدام البريد الإلكتروني الذي بدأ بدوره يجلب الأخبار كأول انطلاقة لتبادل الأخبار والمعلومات، ثم تبعته البرامج الحوارية "الشات" مثل سكايب ومسنجر وأي سي كيو وغيرها، ثمّ تبع ذلك المنتديات الحوارية ومواقع الإنترنت، ثم ظهر الفيسبوك وتبعه تويتر وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي التي حلّت محل الصحف الورقية وسحبت البساط من تحتها أو أوشكت، وذلك تزامناً مع ظهور وانتشار الهواتف الذكية التي تتيح تشغيل هذه الوسائل بسلاسة، وقد أعقب ذلك ظهور الصحافة الإلكترونية التي تغطي الحدث ساعة وقوعه دون انتظار للغد كما هو الحال بالنسبة للصحف الورقية، مما مكن القارئ من متابعة الأخبار بواسطة الهاتف الصغير الذي يحمله في جيبه.
فمنذ ظهور هذه الوسائل قل تداول الصحف الورقية مما اضطر كثيرا من الصحف إلى التقليل من الملاحق اليومية، وتقليص مدة الإصدار الورقي، وزيادة أيام الإجازات والاكتفاء بالنشر في الموقع الإلكتروني للجريدة.
فمن الملاحظ أنّ الصحف الورقية لا سيما التي تدار من قبل القطاع الخاص تُوقِف إصداراتها يومي الجمعة والسبت، وكذلك عند الإجازات، سواءً للمناسبات الدينية أو المناسبات الوطنية.
ولا عجب فإنّ القارئ قد تحوّل تحولاً جذرياً من متابعة الصحف الورقية إلى متابعة الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، فلم تعد الصحيفة الورقية هي رفيقة المناسبات كما كانت، فقد أصبحت الهواتف الذكية هي رفيق المناسبات، بل ورفيق الحياة اليومية الذي لا يعرف إجازة دينية ولا إجازة وطنية ولا إجازة نهاية الأسبوع.