الإنفاق الاستهلاكي يحدد مصير الاقتصاد الأمريكي.. إما النمو أو الركود

ترجمة- رنا عبد الحكيم

تنطلق أجراس التحذير من ركود محتمل في الولايات المتحدة، ولمعرفة ما إذا كان الاقتصاد الأمريكي سيواصل النمو أم أنه سينكمش، فذلك يعتمد على المستهلكين إلى حد كبير، وما إذا كانوا يستمرون في الإنفاق أم لا، بحسب ما جاء في تقرير نشرته وكالة "سي إن إن بيزنس" الإخبارية.

وحتى الآن، استقر الإنفاق الاستهلاكي عند معدلات جيدة، وهذا ليس مستغربا، فالبطالة تراجعت لأدنى مستوى في 50 عام، والأجور آخذة في الزيادة، لأن الإنفاق الاستهلاكي يمثل حوالي 70% من النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.

وقال مارك زاندي كبير الاقتصاديين في وكالة موديز أناليتيكس إن "المستهلك هو من يقود القطار الاقتصادي"، مضيفا "إذا كانت العائلات الأمريكية تنفق، فإن الاقتصاد سيبقى على حاله. وسنتجنب الركود. لكن إذا تراجعت الأسر الأمريكية في إنفاقها، فقد انتهى الأمر، نحن في حالة ركود". وزاندي من مدرسة الاقتصاديين الذين يعتقدون أن المستهلكين ليسوا مستعدين تمامًا لوقف الإنفاق.

ويبلغ معدل البطالة الأمريكية حاليا 3.7% فقط، وكانت أقل من 4% لمدة 17 شهرا متتالية. وتابع زاندي أنه إذا بدأ عدد العاطلين عن العمل في الارتفاع، فهذا مدعاة للقلق.

أما لين فرانكو وهي مديرة للمؤشرات الاقتصادية في "The Conference Board"، وهي إحدى شركات الأبحاث التي تتعقب ثقة المستهلك، فقد ذكرت أن الأمريكيين ما زالوا يشعرون بالرضا تجاه سوق العمل، وهذا يجعلهم يشعرون بتحسن في الإنفاق. وأضافت "هذا أحد أعمدة إنفاق المستهلك".

لكن التوظيف من قبل أرباب العمل تباطأ بالفعل لربع كامل هذا العام مقارنة بالعام الماضي. وإذا تراجعت الشركات عن توظيف المزيد، فقد يبدأ معدل البطالة في الارتفاع. وعلى الرغم من قوة الوضع حتى الآن، إلا أن هناك بعض الإشارات المثيرة للقلق حول إنفاق المستهلكين.

فمبيعات السيارات والمنازل- وهي المشتريات الكبيرة التي تعد مقياسا جيدا للإنفاق- آخذة في التراجع، وانخفض كلاهما بحوالي 2% في النصف الأول من عام 2019 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، على الرغم من أن أسعار الفائدة المنخفضة جعلت الاقتراض رخيصًا نسبيًا. وأي انخفاض في صناعة السيارات وشراء المنازل يمكن أن يكون له تداعيات سلبية. فصناعة السيارات قطاع رئيسي، سواء في مصانع السيارات أو وكلاء السيارات. ويمكن أن يؤدي التباطؤ في مبيعات المنازل أيضا إلى الحد من الإنفاق على جميع أنواع الخدمات الأخرى، من الأثاث إلى الأجهزة إلى الطلاء والسجاد.

وقال زاندي "السكن يمتد إلى عمق الاقتصاد... عندما يتحرك، فإنه يولد الكثير من الإنفاق الاستهلاكي الآخر. وحقيقة أنه لا ينمو إشارة إلى أن المستهلك بات أكثر حذراً".

ويمكن أن تزعزع الاضطرابات الأخيرة في سوق الأسهم ثقة المستهلك. حتى الأشخاص الذين لم يستثمروا كثيرًا في الأسهم يرون في بعض الأحيان سوق المال مؤشراً على صحة الاقتصاد الأمريكي. وعلى الأقل، يمكن أن يسبب هبوط سوق الأسهم حالة من عدم اليقين.

وسجلت قراءة ثقة المستهلك الأخيرة من جامعة ميشيغان، انخفاضا حادا، وخاصة حول الطريقة التي ينظر بها المستهلكون إلى المستقبل. وهذا الحذر نفسه يمكن أن يمثل مشكلة لاستمرارية النمو الاقتصادي.

وقال فرانكو: "في ظل عدم اليقين الاقتصادي، خفض المستهلكون أولاً الإنفاق التقديري وشراء سلع ذات القيمة الكبيرة أولاً".

وشهدت مجموعات هذه السلع انخفاضًا طفيفًا خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام في النسبة المئوية للمستهلكين الذين يخططون لشراء سلع ذات قيمة مادية كبيرة، مثل السيارات والمنازل والأجهزة. لكن في الوقت نفسه، ارتفع عدد الأشخاص الذين يخططون لقضاء إجازة في الأشهر الستة المقبلة بنقطتين مئويتين، في دلالة على أن المستهلكين لم يضعوا قيودًا على جميع النفقات التقديرية. وتُظهر بيانات السفر الجوي أيضًا حوالي أن 4% من الأمريكيين يسافرون جوا حتى الآن هذا العام، على الرغم من ارتفاع أسعار تذاكر الطيران.

وأبلغ بعض تجار التجزئة الرئيسيين، مثل متجري والمارت وتارجت عن مبيعات قوية في الولايات المتحدة. وقال وول مارت بيغت بيغز للمستثمرين الأسبوع الماضي: "تظل الصحة الاقتصادية لعملائنا قوية". والأربعاء الماضي، أبلغ متجر تارجت عن ارتفاع بنسبة 3% في مبيعات الولايات المتحدة.

لكن زاندي حذر من أن بعض هذه المكاسب قد تأتي على حساب تجار التجزئة الأصغر. وقال زاندي إذا بدأت مبيعات التجزئة في التباطؤ، فقد يؤدي ذلك إلى إغلاق المتاجر وتسريح العمال على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع التجزئة.

تعليق عبر الفيس بوك