الرقابة الصحية في مضابي صلالة

طالب المقبالي

muqbali@gmail.com

 

يعتبر موسم الخريف في صلالة من المواسم الاستثنائية التي توفر دخلاً إضافياً من الزوار القادمين للاصطياف في هذا البلد الجميل؛ فصلالة كما أسميتها في تغريدة سابقة في تويتر بأنّها عاصمة السياحة العمانية.

وهذا الموسم يستمر بين الشهرين إلى ثلاثة أشهر، حيث تنشط الحركة التجارية خلال هذا الفصل وخاصة ما يُعرف بالمضابي المنتشرة في ربوع سهل أتين وعلى مداخل العيون كعين طبرق وأثوم ورزات وصحنلوت، وكذلك عند وادي دربات ومنطقة المغسيل وغيرها من المواقع السياحية.

فالمتفحص في جودة ونوعية الأطعمة المقدمة في هذه المضابي، وكذلك العمالة التي تعمل فيها قد تدور في ذهنه عدة تساؤلات، من بينها: "من أين أتت هذه العمالة لتقدم للسواح الطعام؟ وأين تذهب بعد شهرين أو ثلاثة أشهر من موسم الخريف؟ وهل هذه العمالة بالفعل متخصصة في طهو وتقديم الأطعمة، أم أنّها مجموعة من المزارعين وعمّال النظافة كما توحي أشكالهم وجنسياتهم الآسيوية.

فنحن لا نشكك في الجهود الكبيرة التي تبذلها بلدية صلالة، وهيئة حماية المستهلك في مراقبة هذه العمالة وما تقدمه من أطعمة، كما لا نشكك في الجهود التي تقوم بها فرق التفتيش التابعة لوزارة القوى العاملة في مراقبة هؤلاء العمال وطبيعة عملهم الأساسية.

إلا أنّه في الحقيقة والواقع هناك نتائج وخيمة تقع على السائحين من خلال ما يقدم من أطعمة فاسدة في كثير من هذه المضابي التي تفتقر إلى المراقبة اليومية والفعلية والدقيقة.

فهناك كميّات كبيرة من اللحوم المطهوة والمقلية والمشوية تتبقى، وبالتأكيد لا تُرمى خاصة من قبل العمالة الوافدة التي تعمل بدون مراقبة الكفيل العماني، فهناك عمالة وافدة تعمل دون وجود الكفيل، في حين توجد مضابي يقف أصحابها إلى جانب العمالة الوافدة فتشتري منهم الطعام وأنت مطمئن من سلامة الأطعمة.

ففي هذا المقال أركز تحديداً على العمالة التي تُرك لها الحبل على الغارب، ولنا في غش الأطعمة تجارب في مختلف محافظات السلطنة، فلا همّ لهذه العمالة سوى الربح السريع؛ وإن كان على حساب صحة المواطن والمقيم.

فبعد يومين من زيارتي لمحافظة ظفار توجهت إلى أحد المضابي المشهورة؛ والتي تشهد زحاماً كبيراً للشهرة التي اكتسبتها، فاشتريت لي ولابنتي أرزاً بخارياً ولحماً مقلياً وهما النوعان اللذان يتخاطف عليهما الزوار، فأخذته وأنا مطمئن من سلامة ذلك الطعام، في حين كان حس زوجتي أكثر حكمة وصواباً حين رفضت تناول ذلك الطعام.

فما إن تناولنا ذلك الطعام حتى أصبنا بمغص شديد وغثيان، فذهبت إلى الصيدلية فاشتريت مسكناً لآلام البطن والغثيان، لكن ذلك لم يُجدِ نفعاً.

لقد تحملت الآلام، إلا أنّ ابنتي لم تتحمل الآلام، حيث استمرت فيها آلام البطن والقيئ.

ففي الصباح ذهبت بها إلى أحد المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، فلم يُقدم لنا العلاج الناجع ولم يتم فحص ابنتي الفحص الصحيح، حتى قياس درجة الحرارة لم تقم به الطبية، في حين أنّ درجة حرارة ابنتي 38.5 درجة.

وعلى الفور ذهبت بها إلى أحد المستشفيات الخاصة، فوجدنا الاهتمام الذي كان ينبغي أن نجده في مستشفياتنا الحكومية التي تصرف عليها الدولة الملايين من أجل تقديم الرعاية الصحية الكاملة للمواطن والمقيم على أرض السلطنة.

تمّ تقديم الإسعافات الأولية لابنتي وتمّ أخذ عينات الدم منها للفحص المخبري، حيث اتضح أنّها مصابة بتسمم نتيجة تناول طعام فاسد.

أخذنا العلاج وعدنا إلى السكن فزالت الآلام التي كانت تعاني منها عندما وجدت التشخيص الصحيح.

في المستشفى الخاص كان الطبيب من جنسية عربية، وقد حدثني بقصص وقعت لزوار صلالة من دول الخليج العربي، حيث أخبرني أنّ أسرة خليجية قد أصيب جميع أفرادها بتسمم جراء تناول الأطعمة من هذه المضابي، فتم تنويمهم جميعاً في المستشفى لمدة سبعة أيام، مما اضطر ربّ الأسرة إلى إلغاء حجزه بالفندق كونه استأجر غرفتين له ولأسرته بالمستشفى، ومن المستشفى إلى المطار، فقد غادر صلالة بانطباع سيئ وذكريات غير طيبة، كما حدثني ذات الطبيب عن أسرة من دولة خليجية مجاورة أصيب أربعة من أفرادها بالتسمم نتيجة تناول الطعام من هذه المضابي، وتم تنويم جميع أفراد الأسرة في المستشفى إلى أن غادروا البلاد بنفس الذكريات والانطباع.

وقال الطبيب بأنّه يعمل في صلالة منذ خمس سنوات ولم يشترِ شيئاً من الأطعمة من هذه المضابي لافتقارها إلى الجوانب الصحية؛ وخاصة تلك المشاوي التي تشوى فوق الحجارة بنار مشتعلة بغاز الطبخ، وليس على الفحم كما هو متبع في شوي اللحوم، مما تكون له تأثيرات صحية وخيمة على صحة الإنسان.

الخلاصة أنّ هناك حاجة إلى تكثيف المراقبة على هذه المضابي التي تديرها العمالة الوافدة تحديدا، فهناك أطعمة متبقية تضاف إلى الأطعمة الجديدة، وهذا استنتاج لبعض الزوار، الذي لاحظوا طعماً غريباً في اللحوم وبالتحديد المطبوخة والمقلية، فهذه اللحوم لا تلاحظ إن خلطت مع اللحوم المتبقية من الأمس.

وفي ختام حديثي أطالب الجهات المعنية بمنع شوي اللحوم بالغاز والحجارة، وإلزام أصحاب هذه المضابي باستخدام الفحم، فالحجارة أيضاً ملوثة وتتراكم عليها الأتربة والأوساخ والسوائل الناتجة عن عمليات الشوي؛ حتى وإن تمّ تغيير الحجارة على فترات متباعدة.