في مرمى هوليوود! (2/2)

 

 

محمد بن رضا اللواتي

نقل الجزء الأول من هذا المقال، المنشور في عدد "الرؤية" بتاريخ 16 يوليو الجاري، أنّ هوليوود التي يسيطر عليها اليهود تعمل لأجل بث "أيديولوجيا ناعمة" تتصف بالتحلل الأخلاقي، لأجل تغيير أفكار العالم.

هذه النتيجة يخلص إليها باحث آخر، وهو الدكتور "خضر حيدر"، في بحثه بعنوان "الميديا اليهودية: ملحمة التضليل الكبرى في السيطرة على العالم"، المنشور في العدد 11 من مجلة "الاستغراب" يقول فيه: "لقد ظل نفوذ اللوبي اليهودي لسنوات عديدة غير مكتشف بل ظل متجاهلا أو متخفيا بفضل وسائل الإعلام التي كان يسيطر عليها وبفضل غالبية المعلقين إلا أنّه في 10 مارس عام 2006 نشر اختصاصيان أمريكيان محترمان هما البروفيسور استيفان والت من جامعة هارفارد وجون مير شيمر من جامعة شيكاغو دراسة في مجلة لندنية تحت عنوان "اللوبي الإسرائيلي وأمن الولايات المتحدة" وهذه الدراسة تتركز حول موضوع التأثير اللا متكافئ الذي يملكه لوبي المصالح الخاصة هذا على السياسة الخارجية للولايات المتحدة وتقول بأنّ "إيباك" هي المنظمة الأكثر قوة والأكثر شهرة للوبي الإسرائيلي والتي تفسد بصورة منهجيّة السياسة الأمريكية الخارجية. وفي ختامها تظهر الدراسة أنّ إسرائيل لعبت دورًا كبيرا لدعم إدارة بوش في حربها ضد العراق".

يستمد ذلك اللوبي هذه القوة من تعاون وثيق مبني على علاقة حميمة مع "البنتاغون". ينقل لنا "الكعبي" عن "عبد الحليم حمود" في كتابه "سينما الدعاية السياسية" أنّ: "هوليوود كانت على الدوام مع توجهات وتوجيهات وسياسات كل الإدارات الامريكية، إنّ هوليوود خاضت مع الإدارة الأمريكية كل حروبها وكانت معها في كل معاركها ووقفت إلى جانبها في كل العهود والمواقف والملمّات، ليس ثمّة صناعة سينمائية وتلفزيونية في العالم لعبت الدور الذي تلعبه هوليوود".

هذه الهيمنة قد بلغت من المتانة بحيث إن اليهود لا يمانعون من التصريح بذلك جهارًا أمام الرأي العام الأمريكي، إذ ينقل لنا البحث "إمبريالية الفن السابع" عن "جوئي استين" في مقال نشر بصحيفة "لوس آنجلس تايم" يقول فيه: "كشخص يهودي أقول وبرفعة رأس وأريد أن يطلع الأمريكيون على ذلك: نعم نحن اليهود نسيطر على هوليوود ولا يهمني ما هي وجهة نظر الأمريكيين حول سيطرتنا على وسائل الإعلام وهوليوود وول استريت وإدارة الحكومة والذي يهمنا هو وجوب واستمرار سيطرتنا على هذه المراكز".

ولنعد إلى "والت ديزني" التي بلغت إيراداتها نيف و23 مليار دولار من أكثر من نيف و 600 فيلم، ثاني كبرى شركات هوليوود، تتبعها مجموعة من الشركات المتخصصة بالإنتاج التلفزيوني مثل "والت ديزني تلفيجن" و"تاتشستون تلفيجن" و"بوينا فيستا" إضافة إلى شبكات الكيبل التي بلغ مشتركوها أكثر من 100 مليون مشترك، يرأسها اليهودي "مايكل آيزنر"، الذي تصفه بعض وسائل الإعلام بأنّه "مهووس بالسيطرة"، هذا بحسب صاحب البحث المعنون بملحمة التضليل الكُبرى، يبدو أنّها مصممة تمامًا لممارسة غسول أدمغة الصغار، ففي منتجها الأخير الذي اكتسح دور السينما Toy Story 4 تمّ تقديم الشخصية الرئيسة لفيلم الأطفال هذا، يُجاهر بأنّه مثلي، كما وتضمن الفلم لقطة إجهاض!

يقول الرئيس التنفيذي للمؤسسة "روبرت آيغر" كما تنقله عنه "Genesius Times ": "نحن في عام 2019، ونرى أنّ الأطفال الآن أكثر جهوزية للتعرض لهذه التطورات المعروضة في شخصيات الفيلم".

(genesiustimes.com ).

تساعدنا المعلومات المارة أن نخرج منها بنتيجة هي أنّ العالم وأطفاله كذلك، فعلا في مرمى هوليوود، إذ أنّ الولايات المتحدة تمتلك "سلطانا ذا مدى لا يُسبر غوره، يسمح لها منذ عشرات السنين بقولبة فكر بضعة مليارات من الأفراد، وعبر الصحافة والسينما والتلفزة والراديو، وجدوا طريقة لاختراق العقول عبر الثقافة والآداب والإعلام والسياسية واستعمال القوة". (أنظر: الميديا تحت سطوة الآيدلولوجيا للباحث "علي قصير" ينقله عن "أمريكا التوتاليتارية": العدد 11: مجلة الاستغراب").

لقد عملت، ولا تزال، الميديا الأمريكية، بوصفها أداة للإخضاع والسيطرة وتغيير الأفكار، على تحويل صورة الاسلام إلى عدو، كما وعملت على ابتكار مصطلح "المجتمع الدولي" الذي لا يعني إلا أمريكا ومن معها فحسب، بينما ابتكرت مصطلح "منطقة الأزمة الدائمة" لتصف به منطقة الشرق الأوسط وشعوبها، ومصطلح "الرأي العام" الذي لا يعني أحدًا على الاطلاق إلا الشركات الكُبرى، ويجري الآن العمل على قدم وساق لإعداد استراتيجية لإدارة "التوحش" عبر حروب "الجيل الرابع" كما يصفها "عامر عبد زيد الوائلي" في بحثه بعنوان "الميديا بين التصنيع والتصنيم: رهانية التسلّط الامريكي والإرهاب" المنشور في العدد ذاته من مجلة "الاستغراب".

تبدو في الأفق محاولات جادة للكشف عن الأكاذيب التي تتبع تعطش السياسات الممجدة لمشروعية الحروب، والأعمال السينمائية المدمرة لأخلاق الأطفال، علها تتمخض عن رؤى مقاومة لهذه الهيمنة، وإلى أن تصبح هذه المحاولات ناضجة، من الضرورة بمكان أن تظل أعيننا مفتوحة، فما تقدمه "والت ديزني" من تسلية للطفولة، ليست جميعها بريئة تماما، لذا وجب على بيوت التربية والتعليم الفحص الدقيق لما تلقيه أياديهم من أعمال على موائد التسلية البريئة، دون أن نغتر بشعار PG12  أو G دون تدقيق.

mohammed@alroya.net

 

الأكثر قراءة