مسندم.. بوابة العالم

طالب المقبالي

عِندما يأتِي ذكر مسندم تتوارد الأفكار إلى مضيق هرمز بوَّابة العبور لكل العالم، وهي الحارس الأمين لهذه البوابة الثمينة والمهمة.

فمحافظة مسندم -ومركزها الإداري خصب- تقع في الجزء الشمالي من السلطنة، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 1900 كيلومتر مربع.

ونظراً للمكانة الرفيعة التي تحظى بها مسندم لدى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- جاءت توجيهاته السامية الكريمة بتقديم بعض الإعفاءات من الرسوم والضرائب لأي مستثمرٍ جديد يرغب في إنشاء مشروع سياحي بمحافظة مسندم؛ استثناءً من أية أنظمة معمول بها في هذا الشأن؛ بهدف تنشيط الجانب السياحي في هذه المحافظة.

ولم تكُن هذه هي المرة الأولى التي تحظَى فيها هذه المحافظة الجميلة بالتوجيهات السامية، ففي العام 2012 تفضل جلالته -حفظه الله ورعاه- فأصدر أوامره السامية بإقامة مشاريع خدمية وتنموية في محافظة مسندم؛ وذلك توالياً لمنجزات النهضة المباركة التي عمَّت أرجاء الوطن الغالي، واستمراراً لمسيرة الخير والنماء التي تشهدها محافظة مسندم كمثيلاتها من محافظات السلطنة؛ من خلال إقامة مشاريع خدمية وتنموية في شتى المجالات؛ بما يعود نفعها على المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة على حدٍّ سواء.

وشملتْ الأوامر آنذاك استكمالَ الإجراءات اللازمة لطرح مناقصة مشروع طريق دبا-ليما-خصب؛ باعتباره من مشاريع البنية الأساسية التي تُسهم بشكل فاعل في انسيابية حركة المرور ونقل البضائع من المحافظة وإليها. كما شملت التوجيهات السامية للجهات المعنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير ميناء خصب من حيث إدارته وتشغيله، ورفع كفاءته ببناء الأرصفة البحرية، وإيجاد الساحات المناسبة لاستيعاب الأنشطة التجارية والسياحية والتسهيلات المرتبطة بهذه الأنشطة كالاستراحات والأماكن المناسبة لاستقبال أصحاب السفن والقوارب التجارية، وتوفير القاطرات البحرية والتدريب على تشغيلها، إضافة لتطوير المنطقة المحيطة بالميناء؛ وذلك وفق الدراسات الاستشارية المتخصصة.

وشملتْ التوجيهات السامية: إجراء التوسعة اللازمة لميناء خصب، والكفيلة باستيعاب أنشطة الميناء الاقتصادية والسياحية خلال الخطة الخمسية 2016م-2020م.

فمسندم جوهرة ثمينة وعلامة بارزة في تاريخ عُمان؛ فالمحافظة بولاياتها الأربع خصب وبخاء ودباء ومدحاء تحوي معالم تاريخية عديدة كحصن خصب الذي يعتبر من الحصون القديمة الضاربة في القدم؛ حيث ثمَّ بناؤه في القرن السابع عشر الميلادي، وقد قامت الحكومة الرشيدة بترميمه على النمط المعماري العماني القديم على فترتين؛ الأولى عام 1989م، والثانية عام 2007م؛ حيث تمَّ تجهيز الحصن وتأهيله ليكون متحفًا ومعرضًا دائمًا يشمل جميع المقتنيات العمانية والأدوات وتجسيد الحياة العمانية القديمة في مسندم.

كذلك توجَد بالحصن جوانب من حياة القرية العمانية كالفرن الطيني والمطحنة اليدوية والبيت الصيفي، كما يتضمَّن الحصن مجلسًا للنساء وغرفة تعليم القرآن الكريم، والطب التقليدي، وأخرى لعروض الزي العماني التقليدي، وغرفة العروس.

كما أنَّ هناك حصن بخاء الذي لا يقل أهمية عن حصن خصب؛ حيث يتميز بالفن المعماري الذي يجمع بين القوة وفن العمارة وتعدُّد الخدمات، ويعتبر الحصن سكناً وحصناً للدفاع ومقراً للحكم في البلاد. وينقسم إلى عدة أقسام؛ منها قسم للإدارة وغرفة للسجن، كما يحتوي الحصن على برج دائري كبير، كما يمتاز البناء بفن النقوش العمانية القديمة على الجدران وعلى الأبواب والنوافذ الخشبية التي تعتبر فنًّا من الفنون الإبداعية الجميلة.

فبالإضافة إلى أهمية مسندم الجغرافية والتاريخية، فهي وجهة سياحية رائعة؛ حيث توجد بها مقومات سياحية جميلة وتنوع في السياحة البحرية والجيولوجية، وتتمتع بتضاريس جميلة في تشكيلة رائعة من الجزر التي تتيح للسائح الاستمتاع والاستجمام فيها وقضاء أوقات رائعة بعيداً عن صخب الحياة اليومية والضوضاء؛ مما يتيح للنفس تجديد الحيوية والنشاط استعداداً لبدء يوم عمل جديد بعد قضاء إجازة رائعة تتخللها مشاهدة الدلافين وهي تطفو على السطح تارة وتمخر عباب البحر تارة أخرى، إضافة إلى الأسماك التي تحوم حول السفن السياحية، إلى جانب مشاهدة مختلف أنواع الطيور المهاجرة منها والمقيمة.. إنها لحظات تبقى في الذاكرة وتحفز للعودة مرات ومرات للاستمتاع بهذه المقومات الجميلة.

---------------------------

المصادر:

- وكالة الأنباء العمانية.

- بعض المراجع والمطبوعات.

- تقارير ومقالات كتبتها سابقاً عن المحافظة.