الشباب والنّعم

حمود بن علي الطوقي

مُنذ فترة أُتابع هذا البرنامج التليفزيوني الذي يُبث على الفضائية العمانية، ويقدمه الزميل الإعلامي حفيظ جعبوب، ويستهدف الشباب العُماني الطموح من الجنسين، ممن لديهم مبادرات مهمة ومفيدة؛ تلامِس المجتمع من خلال تأسيس فرق تطوعية تعمل على تقديم أفكار خلَّاقة تعود بالنفع على الوطن والمواطن.

وما يُثلج الصدر أنَّ البرنامج أفرز عددًا كبيرًا من شبابنا الطموح الذي يملك القدرة على تقديم الفكرة والاشتغال على تطويرها باستخدام أفضل الوسائل والطرق؛ بحيث تكون الفكرة واقعية، مُتغلبين على كل المشاكل والعراقيل التي تُواجههم في سبيل نجاح فكرتهم الرائدة. البرنامج يستهدف أيضا البحث عن أفكار استثمارية تُدار بواسطة الشباب العُماني الطموح، والتي تحولت بفضل العزيمة والإصرار إلى مشاريع استثمارية ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

حقيقة الأمر أنَّ شبابنا الطموح من الجنسين الذين تتم استضافتهم في هذا البرنامج لديهم طاقة وحُب للعمل والمغامرة في خوض تجربة العمل في مجال ريادة الأعمال بتقديم ما هو جديد ومُفيد ومُبتكر، وليس فقط تقليد ما هو قائم. لمستُ من خلال متابعتي لعدد من حلقات هذا البرنامج أنَّ جلَّ من تتم استضافتهم من فئة الشباب، وهذا مُؤشر جيد على أنَّ الشباب بأفكارهم الإبداعية سوف يقُودون قاطرة التغيير في الخارطة الاقتصادية، وذلك بالاستفادة من مشاريعهم التي لها علاقة بالتقنية، والثورة الصناعية الرابعة، والطاقة المتجددة، ومشاريع تكنولوجيا المعلومات، والتي ستكُون الرائدة خلال المرحلة المقبلة. هذه الطاقات الشبابية التي طرقت هذا الباب وفضَّلت أن تكون جزءًا من المنظومة الاقتصادية في عالم التجارة والاستثمار، يجب أن تتم رعايتها من قبل الحكومة، وتذليل أية صعوبات قد تواجه الشباب في سبيل نجاح أفكارهم الإبداعية.

وهذه الفترة تُعتبر من أصعب الفترات التي تُواجه نجاح المشاريع نظرا للتحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الخاص والعام بشكل عام؛ نظرا للأوضاع الاقتصادية السائدة، والكساد الذي يُواجه القطاع الخاص بسبب التدهور في الأوضاع الاقتصادية العالمية وقلة العمالة الماهرة، وسيطرة الوافدين على التجارة والاستثمار.

ورغم هذه التحديات، إلا أنَّ ما لاحظته من حماس من قبل شبابنا الطموح يدعونا لأن نكون فخورين بأن هذه الفئة قادرة على العطاء والإنجاز، بل والتميز في إدارة مشاريعهم المبتكرة.

على الحكومة والقطاع الخاص والإعلام أن يكونوا سندًا وعونًا لأفكار هؤلاء الشباب، وأن نضعَ في الاعتبار أنَّ نجاح مشاريعم سوف يخلق منافسة في السوق ويشجِّع الشباب على الابتكار، وأنَّ فشل هذه المشاريع سوف يُؤثر على القدرات الإبداعية لهذه الفئة المتحمِّسة، فيجب أن تتبنَّى الحكومة -من خلال صندوق الرفد وريادة- هذه الأفكار ومُساعدتهم في كلِّ ما يسهل أمرهم لكي ترى مشاريع شبابنا النور.

أجزم بأنَّ بلادنا -والحمد لله- تمتلك خامات من الشباب المجتهد والمخلص، وأن الطريق للمستقبل مرهون بأفكارهم؛ لهذا فإنَّنا جميعًا مُطالبون بأن نقف -كل حسب تخصصه- لأن نرى شبابنا يُسهمون في خلق مناخ لتنويع الاقتصاد الوطني بمشاريع جديدة تُحارب تلك التي ظلت لسنوات طويلة تحت سيطرة العمالة الوافدة.

هنا.. أودُّ أن أوجِّه الدعوة لكل الشباب بعدم التقاعس والالتفات لأفكار المحبطين السلبيين، بل عليكم العمل بإخلاص من أجل الرقي بأفكاركم الإبداعية، وعدم الاعتماد على الأفكار السلبية.. عليكم وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. كما أدعو من خلال هذا المقال الجهات الداعمة لمشاريع الشباب -مثل: صندوق الرفد، والهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وغرفة تجارة وصناعة عمان، ومدينة خزائن- وأيضاً الشركات الحكومية والعائلية، وكل من له صلة بدعم مشاريع ريادة الأعمال للأخذ بيد هؤلاء الشباب وجعل مشاريعم الإبداعية قابلة للتطبيق والتنفيذ.