"بلومبرج": ترامب يفجر حربا تجارية جديدة مع الهند

ترجمة– رنا عبد الحكيم

فجر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أزمة أخرى أمام رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي إلى جانب قائمة المشكلات التي يتعين عليه التعامل معها بعد إعادة انتخابه، فقد ألغي ترامب دخول البضائع الهندية إلى الولايات المتحدة إلا بعد دفع رسوم تقدر بـ6.3 مليار دولار،  وبذلك يهدد ترامب النمو الهندث في الوقت الذي لا يستطيع فيه الاقتصاد الهندي تحمل أعباء أخرى.

وحسبما ذكرت وكالة بلومبرج الإخبارية في تقرير لها، فقد بلغ معدل البطالة في الهند أعلى مستوى في 45 عاما وسجل 6.1% في العام المنتهي في يونيو 2018، في حين تباطأ النمو الاقتصادي في مارس 2019 إلى أدنى مستوى في خمس سنوات وسجل 5.8%. وتأخر نشر إحصائية العاطلين عن العمل إلى ما بعد فوز مودي بالانتخابات العامة الشهر المضي وتأدية اليمين، لكن تم تسريبها. والآن الهند، المستفيد الأكبر من برنامج الولايات المتحدة لشراء بعض المنتجات بدون رسوم من الدول النامية، فقدت هذا الامتياز.

وإجراء ترامب الأخير خبر سيئ للهند، فمع تأزم صناعة السيارات المحلية، يمكن أن يتسبب فقدان الإعفاء من الرسوم الجمركية الأمريكية إلى إغلاق بعض الشركات الهندسية الصغيرة في الهند الأقل تنافسية. والهند هي أكبر مستفيد من نظام الأفضليات المعمم "GSP" والذي بموجبه تشجِع البلدان المتقدمة الاقتصادات النامية على التصنيع.

وكان من المتوقع أن ترتفع أسعار قطع غيار السيارات، وهي البند رقم 1 بالنسبة للصادرات المعفاة من الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة، لكن الآن وبعد إلغاء هذا الامتياز فستتغير هذه التوقعات.

ولدى الولايات المتحدة تاريخ في استخدام امتياز نظام الأفضليات المعمم كعصا، فقد استخدمته لتغيير النظام في تشيلي خلال حقبة الثمانينات من القرن الماضي. وفي حالة الهند يمكن أن تتراوح أهداف واشنطن بين لي ذراع نيودلهي لوقف شراء النفط الإيراني، وبين الضغط عليها لتخفيف حدة الخطاب المتنامي والإجراءات التنظيمية حول سيادة البيانات. فإدارة ترامب تكره رؤية الهند تحاكي إستراتيجية الصين لبناء كوادر في التجارة الإلكترونية والبحث والتكنولوجيا، فضلا عن سعي أمريكا إلى الحفاظ على أمازون دوت كوم وجوجل وباي بال.

وهناك نقطة اشتباك أخرى بين البلدين، تتمثل في العقاقير الجنسية الرخيصة، إذ تلبي الهند حوالي 40% من الطلب الأمريكي على العقاقير الجنسية. وإذا كان ترامب يقود حملة ضد الجودة المتدنية ورخص الأسعار، فإن العواقب المترتبة على الاقتصاد الهندي قد تكون وخيمة.

ومع تعيين سوبرامانيام جيشانكار السفير السابق لدى كل من الولايات المتحدة والصين وزيرا جديدا للخارجية في الهند، يتجلى بوضوح اعتراف مودي بخطورة الحرب التجارية. فالتخندق في معسكر أي من القوى العظمى- سواء الصين أو أمريكا- أمر محفوف بالمخاطر. فمن ناحية يتعين على الهند تخفيض العجز التجاري الثنائي البالغ 53 مليار دولار مع الصين. ومن ناحية أخرى يتعين عليها أن تضغط نفسها وتعتمد على القائمة المختصرة لسلسلة التوريد العالمية للإلكترونيات غير المتمركزة في الصين.

وتظهر النسخة التجريبية للجيل الخامس في الهند أن الحكومة تتصارع مع فكرة ما إذا كان ينبغي عليها الانضمام إلى الحظر الذي فرضه ترامب على شركة هواوي. وأي صفقة سيتم إبرامها مع الجانب الصيني يجب أن تشمل أيضا النزاع الحدودي، إضافة إلى أن أنها ستوثر على العلاقات الحالية بين الهند وباكستان.

وترى بلومبرج أن فقدان نظام الأفضليات المعمم تحديا اقتصاديا، لكنه أيضا فرصة دبلوماسية، فبعد أن حقق مودي فوزا ساحقا في الانتخابات، لا يحتاج إلى الرد بالمثل على آلية البيت الأبيض فقط لإرضاء الناخبين. وعلى النقيض من ذلك، فهذه فرصة لإعادة النظر في بعض القرارات التنظيمية والتي وصفتها بلومبرج بـ"الأكثر سخافة" التي اتخذتها الهند في الأعوام الستة الماضية؛ مثل كبح الحد الأقصى لسعر الدعامات القلبية وزراعة الركبة بنسبة تصل إلى 70%. وكان هذا هدفا خاصا لأنه أبقى الصادرات الأمريكية الأكثر ابتكارا خارج الهند وأعطى مفاجأة غير متوقعة لمنتجي الأجهزة الصينية.

ويستدعي الوضع الاقتصادي في الهند الهدوء والتفكير، فالاستثمارات تعاني من العضف، والاستهلاك متعثر، وهناك تشديد على جميع الميزانيات المحلية للأسر والشركات والبنوك. وترى بلومبرج أنه يجب على مودي الاستجابة لقرار ترامب بالمزيد من البرجماتية في سياسات التجارة والاستثمار في الهند.

تعليق عبر الفيس بوك