خلفان الطوقي
منذ ٩ ابريل ٢٠١٩م والعمانيين بل العرب بل العالم أجمع ينتظر نتيجة جائزة (مان بوكر) العالمية لاختيار أحد الكتب الستة المترجمة إلى اللغة الانجليزية من ست دول مختلفة وتحديدا من فرنسا وألمانيا وبولندا وكولومبيا وسلطنة عمان، بعد أن تمت التصفية الأولى من ١٣ كتابا من جنسيات مختلفة إلى ٦ كتبا فقط، ويبدأ حبس الأنفاس لمدة قاربت ٤٥ يوما ليعلن يوم الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٩م بتوقيت لندن فجر الامس الأربعاء بتوقيت السلطنة، ليتم اعلان الفائز بالجائزة العالمية المرموقة لهذا العام ٢٠١٩م للكاتبة العمانية الروائية المبدعة الدكتورة/ جوخه الحارثي لتصبح بذلك أول شخصية عربية تفوز بهذه الجائزة منذ نشأتها في عام ٢٠٠٥م بعد نقاش ومناظرات بين لجنة التحكيم الخمسة واجماعهم بجمال وعمق وعبقرية الرواية، والاعلان عن فوز الرواية العمانية(سيدات القمر)
ما أن تم الإعلان في العاصمة البريطانية لندن عن فوز الكاتبة العمانية الدكتورة جوخة إلا وبدأ تداول خبر اسم جوخه العمانية واسم عمان مرتبطا بجوخه الحارثية على كافة الصحف العالمية والمجلات التخصصية والمراكز الثقافية ودور النشر والتوزيع والدعاية والاعلان وباكثر من ٢٥ لغة حول العالم، وفي تلك اللحظة وبكل فخر وثقة أعلنت دار النشر الاسكتلندية الصغيرة التي تبنت الرواية (ساند ستون برس)إعادة طباعة رواية كاتبتنا العمانية العالمية المبدعة، لتعلن بدورها شركة امازون العالمية على موقعها الالكتروني اعتبار الرواية العمانية(سيدات القمر) أنها الرواية الأولى في فئة الأدب الحديث، وتتسارع التهاني من كل صوب وحدب بداية من تغريدة فخامة رئيسة وزراء اسكتلندا السيدة نيكولا سترجيون التي احبت الرؤية وأوصت متابيعها الذين يقتربون من المليون شخص في حسابها في تويتر لقراءة رواية الحارثية، وتوالت التهاني والتبريكات محليا وعالميا، والبحث عن هاتف كاتبتنا العمانية مستمر حتى كتابة هذه السطور اما للتهنية الشخصية او المقابلة الصحفية او التلفزيونية.
الكاتبة العمانية العصامية الدكتورة جوخة الحارثي لا تحب الصخب وتعمل بصمت وبخطى ثابتة ومدروسة، فهي ليست غريبة على منصات التتويج، فقد فازت بجائزة مولانا السلطان قابوس للثقافة والفنون والادب في عام ٢٠١٦م عن روايتها "نارنجه"، وترشحت لعدة جوائز خليجية وإقليمية عديدة، آمنت بموهبتها وقدراتها وقضيتها وأهمية تسويق الأدب العماني والعربي ليكون منافسا شرسا في المحافل الدولية، وتعاونت بعناية فائقة مع المترجمة الاكاديمية الأمريكية "مارلين بوث" اللذان عملا معا واستطعت العبقرية جوخه في الغوص في عقلية المترجمة وعقلية القاري العالمي واستطاعت بعبقريتها وفكرها الناضج اختراق كل حواجز الفوز العالمي بكل ثقة واقتدار.
فوز كاتبة عمانية بجائزة عالمية يجعل هذه الكاتبة "عالمية" خاصة إذا كانت بحجم الجائزة العريقة ل(Man Booker) العالمية التي تأتي في المرتبة الثانية بعد جائزة نوبل للادب مباشرة، والتي لم يفوز بهذه الجائزة اي شخصية خليجية أو عربية ذكرا كان او أنثى، هذا الفوز الذي كان أشبه بالحلم أصبح في هذه اللحظة حقيقة، واستطاعت كاتبتنا العمانية العالمية أن تجعل اسم عمان يسطع في معظم المنصات العالمية ملايين المرات بكافة لغات العالم، فاكرمت اسم "عمان" وردت جميل الوطن بالأفعال العظيمة الخالدة وليس بالشعارات او الفرقعات المصطنعة، والهمت الآلاف الشباب العماني بهذا الإنجاز العالمي، واكرمت الشخصية العمانية ورفعت حجم ثقته بنفسه، موجهة في ذات الوقت رسالتها للشباب العماني في كل فروع الحياة وليس الأدب فقط بأن منصات العالمية ليست حكرا لجنسية معينة، بل يمكن أن ينتزعها العماني او العمانية أن اجتهد واستمر في اجتهاده وصبر وخطط ونفذ وسعى بدون كلل أو ملل، العمانية العالمية "جوخه" الهمت العرب كافة وجسدت معنى العمل بإخلاص بعيدا عن كل المصطلحات السلبية من الاتكالية والكسل وندب الحظ والتباكي والتسلق الهش والتملق الزائف وغيرها من الأساليب الملتوية، وتحويل الطاقات الجسدية والفكرية إلى اعمالا خالدة تفيد الإنسانية وتبني بيوت العز والعلو.
العالمية "جوخه" استطعت ترويج وتسويق السلطنة بهذا الانجاز العالمي التاريخي مالم تستطيع ملايين الريالات او الإعلانات والمعارض الترويجية من القيام به، فقد استطاعت التعريف بسلطنة عمان في معظم المحافل العالمية وخاصة في المجال الثقافي والعلمي، فما ان تضغط كلمة "عمان" في جهاز هاتفك او حاسبك الآلي إلا وستجد اسم عماننا زاهيا بهيا في المحافل والمنصات التي يستحقها وشاهدها ملايين البشر من كل أنحاء العالم، فكيف أن كان هناك مئات من الإنجازات العلمية او البحثية او اي انجاز يضاهي انجاز الدكتورة جوخة الحارثية، وفي نهاية هذه السطور اختمها بثلاثة رسائل للحكومة، اولا؛ لتفكر حكومتنا جديا في انتاج إنجازات متعددة ومتنوعة تشبه انجاز "جوخة" او أفضل منه من خلال العناية الفائقة بالتعليم وتطوير العنصر البشري النوعي وبكافة الامكانيات وبشكل مستمر، ثانيا: كيف لحكومتنا أن تستفيد الاستفادة القصوى من هذا الإنجاز النادر وتعظم الفائدة لترويج السلطنة، ثالثا: كيف لعمان أن تكرم من أكرم وروج لعمان وافرح واعاد الثقة للعمانيين كما فعلت العمانية العالمية د/جوخه الحارثية.