زهره العوفية ....زهرة من السماء

خلفان الطوقي

 

تشرّفت بدعوة كريمة من رجل الأعمال الأخ الصديق الأستاذ علي مال الله حبيب (أبو حيان) لحضور مناسبة رمضانية مليئة بالروحانيات والنفحات العطرة، وفي هذا التجمع الجميل كان مقررًا أن يتم تكريم جمعيات خيرية تطوعيّة، وقبل التكريم، تمّ استعراض أهداف وإنجازات وخطة عمل هذه الجمعيات في المستقبل من ممثليها، ولكن كانت هناك صورة لم تغب عن ذهني، وهي صورة لإنسانة أقل ما يقال عنها أنها ملاك من السماّء، إنّها المرأة العمانية زهرة بنت سالم العوفية، لم تغب صورة هذه المرأة الرائعة منذ أن شاهدت لها مقطعا تلفزيونيا منتشرا بين وسائل التواصل الاجتماعي، وزاد في هذا الشعور لعدة أسباب، أول هذه الأسباب كنت أقارن بين ما تقوم به هذه الجمعيّات بإداراتها التنفيذية وفرقها الميدانية التي تضم العشرات من الأفراد وما تقوم به هذه المرأة بنفسها، ثانيا هو أنّ ضميري لم يكن مرتاحًا لأنني كنت ناويا أن أكتب مقالا عن هذه السيدة الشريفة النقية، وتأخرت في القيام بالواجب المحبب إلى قلبي الذي كنت قد ألزمت به نفسي حبا وكرامة، والسبب الآخر كم كنت أتمنى أن توجه لسفيرة العمل الخيري "زهرة عمان" دعوة الحضور والتكريم في هذا اليوم.

ما إن انتهت الجمعيات الخيرية من تقديم موجز عنها، وقد حان وقت التكريم، إلا وينادى اسم "زهرة" ليكرم من صاحب الدعوة، وتبدأ مشاعر الفرح والسرور تنتشر بين صفوف الحضور ويبدأ الجميع بالتصفيق الحار دون انقطاع، هنا تغيرت مشاعري وأصبحت أكثر إيجابية تجاه الحفل والقائمين عليه، ولم أخفِ مشاعري الصادقة بأن ما قام به منظمو الأمسية الرمضانية يعد عملا خيريا رائعا ومؤثرا ولكن دعوة وتكريم هذه الشخصية العمانية الملهمة هو بحد ذاته عمل أكثر من رائع، ووجودها توج الحفل وأصبحت نجمة الحفل بلا منازع، وواسطة العقد وأجوده.

بعد هذه المقدمة التي لا يمكن اختصارها مهما حاولت، ترى من هي "زهرة"؟ وهل تستحق الثناء؟ ولماذا يكتب عنها أو ترصدها الكاميرات المحلية والإقليمية والعالمية؟ زهرة هي ابنة ولاية الحمراء وحاصلة على جائزة مولانا السلطان قابوس للعمل التطوعي لعام ٢٠١٨م، ذات جينات ربانية مليئة بالحب والعطاء والسخاء والنقاء والتضحية المجتمعية وقيم إنسانية سامية مجتمعة في شخص واحد، وتستحق الثناء لأنّها لم تسع للثناء أو المجد الشخصي أو الشهرة أو الجاه من خلال مشروعها التطوعي الخيري بتأسيس أكثر من ٢٥ مدرسة لتعليم القرآن في قرى نائية ومتباعدة  وما زال مشروعها التطوعي مستمر ويتطور مع مرور الأيام وأثره مستدام وباق، أمّا بالنسبة للجواب على السؤال الثالث: هل تستحق الكتابة عنها، وجواب هذا السؤال نعم يستحق أن يكتب عنها أكثر من مقال بل كتاب متكامل يدرس في مدارسنا، لكني سوف اختصر الجواب ما يمكن اختصاره.

سبقني صاحب الدعوة لتكريمها "أبا حيان" عندما ذكر في الحفل بأن عظمة "زهرة" تكمن في عظمة هدفها بالرغم من قلة إمكانياتها، حيث لم يوقفها ذلك من تكملة مشوارها المجتمعي النبيل، وأنا أقول أنّ ما يميّز هذه المرأة استذكارها للنعم التي رزقها الله جلّ جلاله إيّاها، وأنّ عليها أن تشكر الله جل جلاله على هذه النعم ليس بالكلمات وإنما بالأفعال العظيمة الخالدة ذات الأثر الفعال والمستدام، بدءا من نعمة الله علينا كعمانيين بأن سخر لنا شخصية عظيمة مثل مولانا السلطان قابوس بن سعيد - حفظه الله ورعاه وأطال في عمره- وعلينا أن نساعده وندعمه في تحقيق الأهداف العظيمة التي رسمها لشعبه وأرضه في أن يرى بلده خير البلدان، وأن يرى شعبه متعلما ويعيش حياة كريمة، تستشعر "زهرة عمان" بأنّها تحمل مسؤولية وطنية بخدمة من حولها قاطعة الطرق الوعرة والوديان والسهول والجبال طواعية دون إلزام أو تكليف وظيفي بل بحماس وحب وحلم لا تراه إلا قلة، وخيال لا يستوعبه قصار النظر، لا تؤمن بالتنظير والشكوى وندب الحظ والتباكي وإنّما تؤمن برسم الخطة المتكاملة التي تضمن الاستدامة وبقاء الأثر، والتنفيذ الميداني والتقييم والإشراف الشخصي في كل ما تقوم به، وقبل هذا وذاك الإيمان بالله والتوكّل عليه، إنّها كالشمعة التي تحترق لتشغل الضوء لمن حولها، وفي الختام، ماذا يمكننا أن نسمي امرأة كهذه "زهرة عمان" أم "سفيرة العطاء" أم "فخر الحمراء" أم "عملاقة الجبل الأخضر" أم "أخت الرجال" أم "أفضل القدوات" أم "عميدة المتطوعين"، اترك لكم الخيال لتسميتها ما شئتم، لكنها تبقى امرأة عظيمة بعظم أفعالها، وذات همة صلبة كصلابة بيئتها وهامة تعلو هامات السحاب، امرأة نادرة وليست عادية؛ إنّها "زهرة من السماء".